حبات الثلج..بقلم الأديبة دعاء أحمد شكري

 

حبات الثلج

ضاقت نفسى فدعوت الله بسقوط حبات اللؤلؤ الثلجى مع المطر، كم تبتهج روحى بنغم وأريج المطر، واستجاب الله لمطلبى، ومن شرفتى راحت يدى تتسحب خلسة من دفء قفازى لتلهو مع حبات المطر الثلجى، ومهجة قلبى ترقص فرحة وأنا أغمض وأفتح عينى أمسك بلؤلؤها المنسدل، فوقعت عينى عليه وخفق قلبى فجذبت معطفى وبلهفة هرولت نحوه..

عدونا الطريق، مسكت بيده وخبأته بغرفة بواب العمارة، وصعدت لشقتنا وقلبى منكسر ينتحب بصمت، فاصطدمت بأبى الذى بوغت بى أمامه فنهرنى متوعدا لعنادى .

عاد أبى سريعاً يحمل أنواع الحلوى التى أحبها، وكنت مصرة على النزول لأشتريها ومنعنى خائفا علىَّ من البرد.

وبغتة شعرت بدموع دافئة لمست وجنتى لما واستنى قبلة أبى الذى كان واقفاً خلفى وكان قلبى قد أملى يدى لتخط حالى “لروح أمى” (حبيبتى أمى كم مشاعرى تحتاج لدفء حضنك وكم أشعربالذنب لأننى دعوت بما يفرح نفسى وفيه شقاء للمبتلى .. سامحنى ياربى وسامحينى يا أمى لم أقصد أن أعصى أبى، فقط..و بدون شعور أسرعت نحو الشارع لما انطفأت فرحتى بالمطر ووقعت عيناى على طفل فى مثل عمرى ينتفض من البرد، فى بادئ اﻷمر ظننت جسده المكشوف من ثوبه المهترئ يلهو مثلى فرحاً مع المطر..لكنه تحنطت أجزاؤه الهزيلة ولم تعد حتى قادرة من بردها تشتكى، فأسرعت بنجدته فما أكثر معاطفى وخبأته من البرد مع أولاد دادة رجاء التى قالت بابتسامة راضية : مرحبا بزيادة اﻷنفس العزيزة إذ تدفئنا وتعوض برد الفقر).

ثم نهضت فوق كرسىَّ الصغير وشببت لأمسح دموع أبى لأناغشه و أضحك حزنه بشقوتى:

– هيا،هيا يا أبى ادعُ معى بنزول المطر.

لمعت عيناه وقال ضاحكا:

– ثانيا.. ستدعين بما فيه شقاء لمبتلى.. فاحمرت وجنتاى : لا، بل أدعو معى فقط لنزول المطر فى حدود أرض تعم بخير.