المسكوت عنه لدى غادة صلاح الدين..حاورتها دعاء أحمد شكري

غادة صلاح ليست كاتبة فقط، بل هى سفيرة محبة،

بداخلها سلام داخلي وطاقة جعلتها مميزة وناجحة فى مجالها الذي أُجزم أنها وهبت نفسها له. لتعرف المزيد عن زهرة حوارنا هيا بنا نحلق مع رحلة فى أغوار أديب.
أهلا بك غادة

★غادة صلاح امرأة ناجحة وتصلح جدا أن تكون سفيرة ودبلوماسية وسهم محبة لتوطيد العلاقات، نتخيل معا أنه أصبح لدينا وزارة للتواصل، وأنك رُشحتِ وزيرة لهذه الوزارة الجديدة من نوعها، فما جديدك الذي ستقدمينه وما الذي ستقتلعينه من جذوره؟

 

– أولا: لا أفهم ماهي وزارة التواصل هذه ولم أسمع عنها من قبل سفيرة دبلوماسية و سهم محبة لتوطيد العلاقات فهذا شيئ بالتأكيد يسعدني كثيرا.. الوسط الثقافي المعاصر يمر بحالة اختناق شديدة ، لا يجد الكاتب المبتدأ رئة يتنفس منها اما أن ينتظر دوره في هيئة الكتاب _ الدور الذي لا يأتي _ و اما أن يتكبد عناء النشر من جيبهِ الخاص و معاناة أخرى مع دور النشر التى نعرفها جميعا إلا من رحم ربي و عن نفسي تعرضت لحالة نصب مكتملة الأركان من دار نشر معروفة للجميع و للأسف كان الكاتب من بلد عربي .

عن ما سوف أقدمه قدمت بالفعل سلسلة من الندوات لفئات كثيرة من الكتاب المعروفين و غير المعروفين و المبتدئين و الذين لم يسلط عليهم الضوء . قدمت نماذجاً أفتخر بها وأعتبرها نواة لحركة ثقافية مغايرة و اعتمدت في تقديمها على النقد الهادف البناء الذى يضع الابداع علي ميزان الذهب فيعرف كل كاتب ايجابيات عمله و سلبياته و يتعلم من يريد أن يتعلم علي يد أساتذة في النقد الأدبي يشار إليهم بالبنان و علي سبيل المثال لا الحصر الدكتور حسام عقل و الدكتور أحمد فرحات و الدكتور أبو بكر البوجي.

لو بإمكانى أن أطور في منظومة الثقافة و الفكر لاستهدفت عدة محاور أهمهما الثقافة و التعليم ، الثقافة و الأقاليم ، الثقافة و الإعلام و أخيرا استغلال التكنولوجيا و الثورة المعلوماتية لتصل لكل مواطن في منزله من خلال منصات الكترونية تخضع للدولة .

أولا :- الثقافة و التعليم

إدراج مادة للإبداع فى مراحل التعليم الأساسي انتهاءاً بالتعليم الجامعي حيث نبدأ من الطفل من مرحلة رياض الأطفال و نعرف مهاراته و نعمل عليها و تكون مادة نجاح و رسوب و تضاف للمجموع و لا بد لكل طالب أن يقدم عملا إبداعيا فى نهاية كل عام دراسي.

ثانياً :- الثقافة و الأقاليم

تمتاز مصرنا الحبيبة بأنها ولادة ، في كل مدن و محافظات مصر يولد الإبداع في شتى مجالاته وكونه يبعد عن مركزية العاصمة لا يُعرف عنه شيئ ولا عن مبدعينا فى ربوع مصر و أقاليمها فلابد من الإعتناء بهم و العمل علي دعم إبداعهم و أن تتولي جهة مختصة ذلك الأمر .

ثالثاً :- الثقافة و الاعلام و ثورة التكنولوجيا

لابد أن يكون للإعلام دور فعال في تثقيف الشعب عن طريق برامج معدة لذلك و لابد أن تكون الأعمال المقدمة متوافقة مع القيم و المبادئ التي تربينا عليها دون حجر على حرية الإبداع حامل الرسالة والتنوير؛ و العمل علي إنشاء منصات الكترونية للتثقيف الفكرى و العلمى و كافة مناحي الثقافة .

★ استغراقك فى الصالونات هو سبب عدم نشر كتب لكِ إلى الآن، أم هو استسهال لشهرة اسم غادة صلاح، أم ماذا؟.. وأيهما أبقي للأديب، كُتب تبعثه وتُفيد غيره أم أمسيات ستنتهى ذكراها إن لم تسجل ؟

-الإعداد لندوة لا يقل أهمية عن كتابة كتاب ، فإذا كنتِ غير مقتنعة بما تفعليه فلماذا تفعلينه إذن …….
دعينى أحدثكِ أولاً عن ما معنى إقامة ندوة فهذا أمر شاق للغاية
أن تقيمى ندوة لابد و أن تكوني مقتنعة تماما بما ستفعليه بداية من استلام العمل الأدبي أيا كان نوعه وبعدها تقديمه للنقاد الذين بدورهم سيبدون موافقتهم من عدمه و تحديد الموعد و تفاصيل أخري مرهقة جدا و للغاية فكما تعرفين إرضاء الناس غاية لا تدرك.

الصالون الأدبي الناجح عمل ليس سهل يحتاج وقتا و جهدا و فكرا متجددا و ثقة من حولك و إيمانهم بكِ و إلا لما كانوا في أوائل العصر الحديث يتبارون في حضور الصالونات الأدبية مثل صالون مي زيادة و صالون العقاد و من قبلهم صالون السيدة سكينة بنت الحسين و صالونات أخرى كثيرة علي مر العصور غير أن الذى أقدمه مختلف تماما فأعمل أنا لدعم الأدباء المبدعين الحقيقين في كل أنحاء مصر و ليس لفئة محددة بعينها تتصدر المشهد من خلال العلاقات والشللية فضلاً عن توثيق هذه الندوات لتكون مرجع لكل من يريد أن يستعيده في أى وقت.

*أعود لسؤالك بشأن عدم نشر كتب للآن

نعم استغراقي في عمل الصالون أخذ منى وقتا كبيرا لم أتوقعه ، للنجاح ثمرة و كانت ثمرته واسعة فما بالك بعد الندوات الأولي طُلب مني عشرات الندوات و كانت ثقتهم فيَّ كبيرة ..فضلتهم علي نفسي ناهيكِ عن أنى أم لثلاثة أبناء فضلا عن عملي الأساسي صباحا .و بالمناسبة هنا أحب أن أتوجه بالشكر لوالدتى التي أعانتنى كثيرا . و لكن قريبا سأعلن عن أولى اصداراتي الأدبية .

أما بشأن ماذا يبقي للأديب غير كتبه فأنتِ محقة و لكن ما يحدث الآن و نراه بأعيننا أن من يملك المال يطبع ما يحلو له لا رقيب و لا غيره ناهيك عن أشياء أخرى كثيرة و سوف يقول التاريخ كلمته بشأن من هو كاتب حقيقي و مبدع أم لا.

★غادة صلاح بداخلها الغادة الحالمة أراها هناك..، فى كوخ أسطوري بسيط أمام بحر قيثارته ساحرة تسكن فى سلام تنظر غادة تعود لها وقد تخلصت من كل تلك الصراعات والصخب.،أجزم أنكِ حاولتي اختلاس الهرب إلى غادتك، يا ترى هل نجحت محاولاتك فى الوصول؟

غادة صلاح الدين من مواليد برج الميزان و كما يعلم الجميع أو المهتمون بالأبراج أن مواليد هذا البرج في صراع كبير بين العقل و القلب

و دائما ما ينتصر العقل فأظل طيلة الوقت مع غادة لا تفارقنى أعيش معها فى سلام دائم و كل منا راض عن الآخر حيث نتفق فى النهاية أن الود و السلام مفتاح القلوب السليمة.

★الطبيعي أننا نحب أباءنا، لكن غادة تقدس والدها، فهيا افتحي صندوق الدنيا لنستمتع بأجمل لحظات الطفلة غادة مع هذا العظيم؟

– هنا وصلنا لأحب الحكايات إلي قلبي لا أعلم من أين أبدأ فالحكايات كثيرة لكن هناك لحظة لا تغيب عن بالى و كانت آخر اللحظات ولم أره بعدها ثانية ..حين دخلت غرفة العناية المركزة قبل الوفاة بساعات وقد كنت أول الحضور فى هذا اليوم و لسبب ما تأخر أخي و ووالدتي أظنه المرور عطلهم مما أتاح لى الفرصة أن أجلس معه أكثر و كأن القدر يقول لي خذى وقتك لن تريه مرة أخري . فدار حوار بينى و بينه بالإشارة حيث أجهزة التنفس الصناعى منعته من الحديث إليَّ فترة طويلة . سألنى عن أخي المقيم بالسويد فقلت له أأطلبه لك؟ أشار بإصبعه لا فقلت ماذا إذن ؟ فأشار لي أن أطلب من أخي أن يأتي إليه بأسرع وقت فطلبته على الفور من خلال التطبيقات الحديثة وفعلا رآه علي هاتفي و أشار له أنزل فرد أخي بصوت مخنوق بكرة هكون عندك ….و عندها رأيت الدموع تأخذ مجراها علي جانبي عينيه فقلت له : ان شاء الله هتبقى كويس جدا يا بابا أنا مكنتش أعرف إنى بحبك قوى كده منتظراك تقوم بالسلامة و نخرج مع بعض زى زمان و دخل الممرض يُبلغنى أن والدتى و أخي وصلا و يريدان الدخول؛ قبلته من جبينه وكان الوداع الأخير.

★حين تتحدثين عن قرة عينيكِ أبوك صلاح -اسكنه الله فسيح جناته- ألمح فى عينيك بريقا وفى نبرتك فخرا، جعلتني أشتاق سيرته
فهل تفضلتي بذلك. وما سر تعلقك به فضلا عن أنه والدك، ما الرابط بينكما؟

– أبي قرة عينى رحمه الله عشت معه تفاصيل كثيرة فخورة به جدا و لا تدرين كم هى سعادتى حين ينعتنى أصدقاؤه بابنة الرجل الصالح أو كما يقول لي الشاعر محمود حسن ابنة أبي.

كنت أرافقه معظم الوقت إن لم يكن كل الوقت و أحب أن أذكر أنى ابنته الوحيدة التى أنجبها بعد خمس سنوات من المعاناة ورحلة علاج طويلة جراء الحرب البيلوجية التى تعرض لها فى رحلة الأسر في سجن عتليت باسرائيل ابان حرب السادس من اكتوبر .

أُحب الأدب بشتى أنواعه و الفنون و هو من ساعدنى علي تنوع ذائقتى حيث كان يحضر لي الكتب و الروايات _و علي ما أذكر كانت أول رواية قرأتها رواية < نادية > للكاتب الكبير يوسف السباعي _ و كنا نستمع سويا إلي الست أم كلثوم و الأستاذ عبد الوهاب و ورثت منه حب الزهور و النباتات و أذكر هنا صديقه الكاتب الصحفي الأستاذ أحمد عبد الكريم رئيس تحرير أخبار اليوم سابقا حيث كان يطلق عليه جناب اللورد عاشق الزهور و أذكر أيضا رحلاتنا الى القناطر الخيرية و شراء الزهور و النباتات.
ذكريات كثيرة لازالت تعيش معي و أعيش بها.

★ما هو السؤال الذي لم تجدي له إجابة؟

-من أين أتيتِ بكل هذه الأسئلة.

★المشهد الثقافي كما يعلمه الجميع وإن أنكر البعض، فهو ينحصر في.. أن الثقافة تنجح بالكراسي العامرة هل أصبح امتلاء الكراسي الشاغرة هو دور المثقف؟..وهل الحشد أفاد المواهب الشابة ؟

-الثقافة تمر بأزمة كبيرة و حين نرى ندوة حاشدة هذا بالمنطق أمر مفرح لأن لا أحد يأتي بدون إرادته و في رأييي الخاص يلعب النقد دورا مهما في إثراء الحياة الثقافية سواء سلبا أو ايجابا فقد يأتى الكاتب ليتعلم لا للحضور فقط و هنا أريد أن أشيد بالدور الفعال الذي يقوم به الدكتور حسام عقل في هذا الخصوص.

★أحزن حين أرى المباركات والهتافات والتعظيمات لأي مبدع علي شهادة تقدير أو حلقة تلفزيونية أو لقب نسب إليه بينما هو يستحق أكثر من ذلك، كما استحق كُتاب الستينات، فهم رواد جيل وعصر قرأ لهم الكثير من كتاباتهم التي مازالت تفوح بإبداعهم الحي بعد موتهم، كلنا ندرك المشهد الحالي لكننا نكذبه، ألهذا الحد وصل حال الكاتب؟ فيصدق نجاحات مزعومة لأنه لم يحقق نجاحا وتقديرا يستحقه؟ ولمَ لم يأخذ أديب اليوم مكانة الأدباء السابقين؟

المجاملات سنة هذا العصر و لابأس بها علي سبيل التشجيع و يعتمد الكتاب الآن علي العلاقات لتحقيق الانتشار وهذا ليس خطأ انما الخطأ الأكبر أن يقف الكاتب عند وهم لقب ما و يصدقه ولا يطور من أدواته و لا يجدد من أسلوبه،
لكن أختلف معكِ هنا ؛ لأن كُتاب اليوم لا يقلون عن كُتاب الأمس في شيئ بل منهم المجددون فمثلا إذا أردت أ، أضرب مثلاً في الشعر فيحضرنى أحمد بخيت ،و الكبير قيمة و قامة عبد الستار سليم رائد فن الواو،و إذا أردت أن أضرب مثلا في الرواية يحضرني هشام فياض، و عن القصة القصيرة يحضرنى أشرف الخضري و هبة السهيت و أيضا في شعر العامية هشام الدشناوي و عفاف ترك و دعاء الجمل و آخرين لم تسعفنى الذاكرة الآن.

فمتابعة المشهد الثقافي أمر ليس بالسهل و أرى أن هناك رموز سوف تخلدهم أعمالهم ولا نغفل أيضا دور الحركة الثقافية العربية المعاصرة و هناك رموز كثيرة لا يتسع الوقت لذكرها .

★شهدتُ لك العديد من الفيديوهات واللقاءات التي تجسد كم مجهوداتك لإقامة أمسيات وندوات وصالونات ومناقشات وفاعليات ثقافية، تقدمين مواهبهم بطلاقة وحب واضح فى حديثك عنهم؟ ولم أجد لك إلا قليل القليل ينبض بكتاباتك.. أليس من العجيب أن تقدمين غيرك وتنشغلين
به عن نفسك؟
– ندوة جديدة تعنى لي طفل جديد فبماذا تستقبلين طفلك الجديد رغم التعب و المجهود إلا أن سعادتك به لا تضاهيها سعادة ولكن كتاباتى موجودة و نشرت الكثير منها عبر صفحات التواصل الاجتماعي و المواقع الأدبية . و قريبا سوف يخرج عمل أو أكثر إلي النور.

★ما جديد غادة صلاح؟

– جديدى دائما ينصب فى مصلحة الكُتاب و الأدباء فانتظروني.

★مي صلاح ام غادة زيادة؟ هناك رابط بينهما فى نفسك، إن صح احساسي فما هذا الرابط؟
فما سر عشقك لمى زيادة؟

– أعشق مي زيادة الأيقونة المشتعلة و الرمز الثقافي الأنثوي فهى من رواد التنوير في العصر الحديث ولكن يتسم الانسان بصفاته الذى حباه الله بها فلكلٍ بصمته و أداؤه الذي يميزه عن غيره
فأنا ولدت في عصر مختلف و ما أتيح لي لم يتح لها و أهدافي مختلفة تماما فأعتز بكوني غادة صلاح الدين و لا أنكر لمى زيادة دورها الرائد

★مَنْ أقرب الشخصيات إليك ولماذا؟

-على مستوى عائلتى والدتى و أخواتي و خالى الصحفي الأستاذ أحمد عفيفي

وعلي مستوى الأصدقاء فالجميع أحبهم و أصدقائي كثيرون جدا و لا يجمعنى بهم غير الود و الاحترام و لكن أدين بالفضل للكاتب الصحفي الاستاذ أحمد عبد الكريم و الدكتور الناقد حسام عقل و الدكتورة زينب أبو سنة و الشاعر الكبير ياسر أنور علي سبيل المثال لا الحصر .

★فى نهاية رحلتنا، هل تحبين قول شيئا؟

كما قلت سابقا النجاح ليس وليد صدفة انما هو مجهود و تعب و كفاح و جميل جدا أن تحصد ما تزرع و تجنيه على حياة عينيك

★أتمنى أن لم أكُن محاور ثقيلا عليك؟

-كما قلت لك بالبداية اسألي ما شئتِ فلكل سؤال عندى اجابة كنتِ نعم المحاور و أحب أن أشيد بطريقتك السهلة المحببة التى تصل للقلب و تُخرج منه ما تحب دون أن يدرى الضيف ….تتسللين بخفة.

**ختاما أن بدت أسئلتي مزعجة فهى ليست كذلك بل هى فرصة ليوضح الأديب كينونته و يتحدث بلا شعارات ورسميات فما خرج من القلب وصل للقلب إلى اللقاء ورحلة جديدة مع أديب