سَيَمُرُّ في دَمِنا الرَّصاصُ شِعر / محمد عبدالرحمن شحاتة

 

 

 

 

تهفو على قلبي لِتَطرُقَ بابَهْ

دعني أُسافرُ كي أرى عِنَّابةْ

 

ما جالَ في صدري وطافَ بخاطري

أنِّي اقتسمتُ معَ الطريقِ سَرَابَهْ

 

لي قلبُ أمي حين تَغزِلُ نُولَها

وحديثُ طفلٍ لا يَخُطُّ كِتابَهْ

 

والشِّعرُ جُرحٌ أيُّ جُرحٍ مَسَّني

حتَّى أقدِّسَ في الحُسينِ تُرابَهْ

الرُّوحُ لَن تَرقى ووجهُكِ عابِسٌ

فتبَسَّمي .. لا تُغلقي أبوابَهْ

 

إنَّ الفريسةَ لا تُراوِضُ ذئبَها

كي لا تُعانقَ خِلسةً أنيابَهْ

 

مُدُنُ البلادِ رحيبةٌ كشعوبِها

صلصالُها ذَهَبٌ خشيتُ ذَهابَهْ

 

كدموعِ مَنْ رقصوا على أوجاعِهمْ

والليلُ يُطلِقُ في الطريقِ ضَبَابَهْ

 

كبُكاءِ طفلٍ حينَ يَسمعُ صَرخَةً

مِن أُمِّهِ .. كي لا يُطيلَ غِيابَهْ

 

يقتاتُ مِنْ خُبزِ الحياةِ ويكتَفي

والذِّئبُ مِنْ دَمِهِ يَعُدُّ شَرابَهْ

 

للشَّامِ في دَمِنا حنينٌ جارِفٌ

ينمو كضوءٍ في ظِلالِ الغابَةْ

 

قُلْ للَّذي بالسيفِ يمشي بينَنَا

أَمِنَ الحياةَ .. فأمَّنَتهُ عِقَابَهْ

وَتَرُ الحكايا صارخٌ بالحُزنِ لا

يكفيهِ بحرٌ كي يُزيلَ عَذَابَهْ

 

كانَ الكِتابُ هُناكَ واسمُكِ ظاهِرٌ

قُلتُ اعربوهُ فأخطأوا إعرابَهْ

 

الشِّعرُ مسجدُ كلِّ مَنْ صَلَّى بهِ

ولأجلِ مَقدِسِنا رفعتُ قِبَابَهْ

 

قُلْ لِلبِنَيَّةِ في عيونِ مدائِني

خَجَلٌ يُرقِّعُ ثوبَنا .. وثِيابَهْ

 

لَمْ نَبتَسِمْ في القَصفِ إلا وانحَنَتْ

قِمَمُ الجِبالِ وقَبَّلَتْ أعتابَهْ

 

أدنيتُ مِن قَلبي سياجَ مَدينتي

وجلستُ في صمتٍ أُطيلُ عِتابَهْ

 

ما هَمَّني جوعٌ .. ولا فقرٌ .. ولا

جهلٌ يُبَعثِرُ خُبثَهُ وذُبابَهْ

 

ما هَمَّني وجعُ الرحيلِ بقدرِ ما

فقدَ الصبيُّ حنينَهُ وإيابَهْ

يترقُّبُ الدُّنيا ويخشى حَتْفَهُ

إنَّ المَنِيَّةَ تقتَفي أترابَهْ

 

إنّي أخافُ ولا أخافُ .. كأنَّني

بَرقٌ إذا احترقوا أضاءَ سَحابَهْ

 

عينُ العِراقِ حنونةٌ..ومُضيئَةٌ

تدعو لنا..والله يفتحُ بابَهْ

 

في آخرِ الأزمانِ سوفَ يَمُرُّ بيْ

رجلٌ يُغنِّي كي يُذيعَ خِطابَهْ

 

وتقولُ لي امرأةٌ يُغنِّي باكياً

سَهمُ اللُّجوءِ أصابني وأصابَهْ

 

سيمُرُّ في دَمِنا الرَّصاصُ مَبَاغِتاً

وسيُطلِقُ النَّذلُ الجَبَانُ كِلابَهْ

 

لَكِنَّ لي طفلٌ  إذا عاديتَهُ

تُدمي حجارةُ صَبرهِ دَّبابَةْ

 

إنِّي افتديتُكِ في حروفِ قصائدي

ومَنِ افتَدَى وطني فديتُ رِقَابَهْ

اترك تعليقاً