ستون ســيفاً (بمناسبة بلوغي سـن الستين) شعر: عبدالجواد خفاجي


،
كأنَّ السنين السيوفَ
ما هادنتني
كأني ما هادنت
السنينَ
ولا طأطأت رأسي
لحَيْـف.

فلا طارحتني سلاماً
أو غراماً
ـ كما كنت أرجو ـ
على شاطئها الأرجوانيُّ
كيفاً بكيف.

كأني ما ولدت بغير حزني
ما بين مدٍّ وجزرٍ
تقارعني السيوف
ما بين رعد وبرقْ
وما مُنيتُ بغير الجراح
في غرب وشرق
لا شيء
لاشيء
غير الجراح
ما بين سعيٍّ وطوفْ

كأنَّي ما صرت شيخاً
ما توكأت
على عصاي
كأني..
بانتظار مآربي الأخرى
ولا توسدتُ يأساً
عجولاً
والخطوب ما زالت تقارعني
سيوفا
ما زالتْ
تبادلني
كرًّا بكرٍّ
فرًّا بفرٍّ
كأن الفلول ما عرفت حِـد سيفي
أو
كأن العمر سيفْ.

وما أغمدَته الليالي
والنهارات كدحٌ
والخاتمات
انتكاسات
وبعض الشكوكِ
يقين تبدده الليالي
بعضُ أحلام مزركشة
بألوان طيف.

وها إنها الأمنياتُ تنأى
كأني الخصيم اللدودََ
إذا ما اقتربت
كأني الصديق الودودُ
إذا ما ابتعدت
أشدُّ ذاكرتي
أستدير إذا ما استدارت
للأمام
أجاذبها الحنينَ
إلى ماضٍ وخلف.

لا زالت تطارحنى العصافير
الغناء
كأن العمر يبدأ من
بدايات الحقول
وفوق الربا
عند الشطوط
تبادلني
غانياتُ البحر
وشوشات الصباح
أقفز في الموج
معْ نسيم الفجر
أغرف من صفاء البحر
عمرا
وأنتقي من أصدافه
لون الربيع
نقاء الشتاء النَّدى
صلابة عودٍ
غضوبِ
كغضبة ذاك الخريف
في وجه الرياح
وأمضي في
حرارة الزهو
إذا ما حلَّ صيف .

أزيح عن الأرض ملح السنين
وأبني
ـ تحت شمس الله ـ
كوخاً
لا يعرف الغدر
لا يدانيه مقتٌ
وها أنني قد سكنتُ
في أول الشطِّ
لا أعرف الجبن
لا يبيت الضيم في كوخي
لا أهادى الناس مِلحا
بغير الإدامِ
كثير الرماد
إذا ما حلَّ ضيف.

لا أهادن الملح،
لا أذوِّق القبح،
لا أُسوِّغ السُّـمَ للناسِ
لا أخشى أزيز الرياحِ
لكنما الأيام
قد خبأت عن حلقي الفراتَ
وحيد
فارقته الجماعات
والأشياع
ما حضروا
والخطوب لا زالت تقارعني
كأني بانتظار الشهادة
أو كأني
شهيدٌ بانتظار
آخرتي
حيٌّ
كما شاء الإله
لا كما شاء التزلُّف لليزيد
كأساً بكأسٍ
لا أدانيه
ـ كما يبغي الزمان الهجينُ ـ
زيفاً بزيف.

لا زلتُ أشهر السيفَ
وها أنني قد بلغت
ستين سيفاً
ولا زالت تقارعني السيوف
كأن العمر سيف!

اترك تعليقاً