رحلة فى أغوار الشاعر محمد حافظ
★” محمد حافظ شاعر النيل الثاني ” يداعب ذاكرتي خبر بإحدى الصحف يُلقِّبك بشاعر النيل الثاني ، فما سبب ذلك اللقب ؟
منذ ولوجي عالم الأمسيات الشعرية والصالونات الأدبية في منتصف عام ٢٠٠٥ التقيت أول ما التقيت بالشاعر الكبير سعادة الدكتور / محمود خليفة غانم – رحمه الله – الذي كان ملحقا ثقافيا لمصر بالهند ، وكذلك الشاعر العملاق / إسماعيل بخيت – رحمه الله – رائد ومؤسس الندوة الأدبية التي كانت تُعقد بحديقة الحرية بالمعادي تحت اسم جامعة الشعراء بالمعادي ، فهما أول من أطلاق عليّ هذا اللقب ، وكانا ينادياني به في الندوات التي نحضرها مثل ندوة الورداني ناصف التي كانت تُعقد كل أربعاء بنقابة الصحفيين بالقاهرة ، حتى أن الأستاذ / إسماعيل بخيت عندما سمعني أول مرة ألقي شعرا في ندوة رابطة الأدب الحديث ” أبولو ” سابقا – والتي كان يديرها الشاعر المرحوم/ محمد علي عبد العال الذي كان سكرتيرا لها آنذاك ثم أصبح رئيسا لها فيما بعد – قال لي : اليوم اطمأننت على مستقبل الشعر فأنت محمد حافظ إبراهيم الثاني ، ومن يومها عُرفت به ، وقد أشار إليه الشاعر الكبير / الورداني ناصف في معرض نشره خبرا عن صدور ديواني الثاني ” الشارع الممتد شرقا ” .
★من معرفتي بك جيدا أسألك : ما سر تحولك من شخص صريح جدا ومباشر إلى شخص مراوغ جدا ؟هل تلونت بالعصر ؟
إن كان السؤال خاصا بسلوكي الاجتماعي وأخلاقي التي أتعامل بها مع الناس فأنا كما أنا صريح ومباشر في تعاملي ، أرى العيب فأشير إليه وأنبِّه عليه ، انطلاقا من قناعتي أن المرء مرآة أخيه ، وأن المصفق دائما هو مخادع مُغَرِّر بأصدقائه ، ولكن أنبّه فقط أن هناك شعرة دقيقة بين الصراحة والوقاحة ربما لخصها لنا الإمام الشافعي في قوله :
تعمدني بنصحك في انفرادي
وجنبني النصيحة في جماعة
فإن النصح بين الناس نوع
من التوبيخ لا أرجو استماعه
أما إن كان السؤال مرتبطا بطريقتي الأدبية فيما أكتب من شعر ، فلا شك أن تطور العصر ربما فرض على المبدع ألا يكون مباشرا إلى حد الاصطدام ، وهو تطور في ملكة الشعر ، كلما نضج المبدع وكثرت خبرته وتفهُّمه الأمور بصورة أوضح بعُد عن المباشرة ، بل ربما لجأ إلى الرمزية هروبا من المساءلة أو الاصطدام مع أحد حفاظا على الاستقرار الاجتماعي ، ولعل الحركة الأدبية في فترة ما أنتجت لنا ما يعرف بالرمزية في التعبير ، وهي طريقة فنية تعطي مُتلقي القصيدة مساحة من التنقل عبر أبياتها محاولا فكّ رموزها وصولا لمراد الشاعر أو نحوٍ قريب منه ، ومن ثم يتحقق للقصيدة ما يعرف بانزياح المعاني ، حيث تتولد عدة دلالات ، وتتعدد الرؤى والتأويلات ، وهو الأمر الذي جعل سعادة / الدكتور خالد فهمي وسعادة الدكتورة / هدى عطية في تناولهما لديواني ” قبلة مؤجلة ” يطلقان عليّ لقب ” الشاعر المراوغ ” ، ولسعادة الدكتور / أحمد فرحات – وهو أول من تناول هذا الديوان بالنقد في صالون السيد حسن بدار الأدباء – لقب آخر أطلقه علىَّ وهو ” الشاعر المغامر ” .
★ يا لها من عصفورة مشاكسة انتشيتُ منها كثيرا عندما همستْ لي بأن دخولك كلية دار العلوم لم يكن عن رغبة لديك بل فوجئت وصُدمت بها ، فما القصة ؟ وما سبب اختلاط الأمر عليك بين …. و….؟ أكيد قرأت ما بين السطور ، لأنك بطل القصة ؟
نعم ؛ يا لها من عصفورة !
الأمر ببساطة : كنت طالبا في الثانوية العامة شعبة علمي رياضة ، وكانت أمنيتي الالتحاق بكلية العلوم ، وحصلت على مجموع كبير بحسابات تلك الفترة يؤهلني لدخول أي كلية علوم دون التقيد بالموقع الجغرافي الذي كان يشترطه مكتب التنسيق وقتئذ .
المهم أنهيت كتابة رغباتي التي كان عددها حوالي أربع وأربعين رغبة ، وكانت الرغبة الأولي كلية ” دار العلوم” والتي فوجئت أنها تختص بدراسة اللغة العربية والعلوم الإسلامية … وهنا كانت المفاجأة !
وكان بإمكاني التحويل ، وبالفعل قدمت طلبا للتحويل ، ولكنني كنت أواظب على الحضور حتى تنتهي إجراءات التحويل ، ولقد كان قدر الله مفعولا ، حضرت محاضرتين ، إحداهما لسعادة الدكتور / شعبان صلاح – أمدّ الله في عمره – والذي كان وقتها مدرسا بقسم النحو والصرف والعروض ، والثانية سعادة الدكتور / أحمد عبد العظيم أيضا بنفس القسم ، وكان لهما التأثير الكبير في ترك فكرة التحويل والبقاء في دوحة ” دار العلوم “
★”لُقِّبتَ ب “شاعر الجيل الجديد” ، لقبٌ يحمل الكثير من الدلالات . فلتكشف لنا عن ذلك؟
لا شك أن هذا اللقب له عندي دلالتان:
الأولى : ملأني بشيء من الرضا عن حرفي الذي أكتب ، خاصة وأنه جاء إثر فوزي بأفضل قصيدة فصحى عام ٢٠١٨ من بين ١٨٠٠ شاعر وشاعرة على مستوى الوطن العربي في مؤسسة الجيل الجديد للثقافة والفنون والإبداع بسوريا برئاسة الدكتورة القديرة خنساء العصر / رواء العليّ ، ولجنة تحكيم عربية كلها باستثناء الشاعر المصري الكبير / أحمد قنديل والذي لم أكن أعرفه من قبل ، وقامت المؤسسة بطباعة ديواني ” قبلة مؤجلة ” على نفقتها الخاصة .
هذه نقطة .
أما الثانية : فهو – أي اللقب – يملأني حسرة أيضا حيث أدير وجهي إلي بلدي فأرى الشللية التي تحكم الثقافة والأدب ، فالنشر والتمثيل في مهرجانات الشعر خارج مصر وجوائز الدولة تخضع للمحسوبيات والعلاقات أكثر من أي حسابات أخرى !
★الشاعر محمد حافظ عهدتُك شاعرا وطنيا ، فأحيي من لقّبك بشاعر النيل ، وبعد ” قبلة مؤجلة ” لُقِّبت بشاعر الجيل الجديد ؟ فهل صار لك معشوقة غير مصر ؟! أم هو تطور شاعر ؟ أم ماذا ؟
كلاهما من بعض ، ف ” شاعر النيل ” هو هو ” شاعر الجيل الجديد ” ، الخلاف فقط في التناول الفني للقضايا ، وهذا سُنّة التطور الإبداعي نتيجة الاحتكاك المستمر ، والتواجد الدائم في الوسط الأدبي ، فضلا عن القراءات المتعددة والخبرات الحياتية .
فالمرأة عندي أُمَّة ، والأمة وطن ، والوطن قصيدة لم يجتمع شطراها بعدُ ، وما أنا وغيري من الشعراء المهمومين بحال أمتهم وأوطانهم إلا محلقون يحاولون كتابة القصيدة الوطن التي نرى فيها الأمة ” المرأة ” عروسا تزيَّنت ، وعلى عرشها تربَّعت.
★هل تفيض علينا بطيب من بحر أشعارك ، فضلا مقطعان من قصيدة ” قُبلة مؤجلة “
لكِ قُبلة من أمس أمس مُؤجّلةْ
سبحان من غلّ الفؤاد وكبَّلهْ
دَينٌ تأجّل مرتين ولم يعُدْ
يُجدي اعتذار كذّبتْه الأسئلةْ
أَأَدور في فَلَكِ انتظار بينما
يزوي فؤادي في فراغ الأخيلةْ
يرنو فبدءُ الدرب حائرة به
خطواتهُ ، وختامه كالزلزلةْ
***
يا كُلما رغب الفؤاد تلاوةً
لهواكِ زلّ ، وفرّ حرف البسملةْ
فيفرّ للحرف الأخير مُراوغا
عيناه فصّلتا الذي كم أجملهْ
فأنا وأنتِ الضّفتان وبيننا
نيلٌ تحوّل مَن أراد تحوُّلهْ
ينساب تنتعش المدائنُ في
مداها تستقيم الأسبلةْ
***
★سؤال سألته كثيرا ولم أشبع بعدُ بالإجابة المنتظرة، لكني سأسأله لك وكلي أمل أن أجدها فى إجابتك..
حقيقة ننكرها جميعا – شعراء وأدباء هذا النبي-
وهي أن أغلبنا غير معروفين إلا فيما بيننا فى الوسط الأدبي، و المحظوظ فينا ظهر فى قناة إعلامية أو اثنتين ، رغم إن ابداعاتهم كفيلة بأن تجعلهم روادا كالخال ” عبد الستار سليم ” وغيره ، ودليلي على هذا أني سألت الكثير من شباب هذا الجيل من خارج الوسط تعرفون الكتاب الكبار : فلانا وفلانا … ؟ وجاءت الإجابة لا ، فما سبب عدم شهرتهم خارج الوسط ؟
سألت نفس الجيل ، تعرفون الخال كان الجواب طبعا و نحب هشام الجخ و الشاعرة الشابة أميرة البيلي ، فيا ترى ما سببُ شهرتهم خارج الوسط ؟
للأسف هو سؤال يراودنا جميعا ، وربما تعددت إجاباتنا، غير أني أقول – وليس قولا فصلا – : إن الميديا الإعلامية لها دورها الفاعل في تسليط الضوء على مبدع والتعتيم على مبدع آخر ، ولولا الظهور الإعلامي المكثف وتسليط الضوء على هشام الجخ في فترة من الفترات لما عرفه أحد ، وأنا شخصيا – رغم أني ابن الوسط الأدبي – لا أعرف من هي الشاعرة الشابة التي أشرتِ إليها ، ليس تقليلا منها بقدر ما هو تقصير مني .
ولكن حتى هذا القليل من الظهور يُعد مكسبا ، فأنا – والحمد لله – تقدّم باحثون جزائريون بكلية الآداب واللغات قسم اللغة والأدب العربي بالجزائر بمذكرة لنيل شهادة ليسانس تخصص نقد ومناهج بعنوان : ( بنية الخطاب الأسلوبي في شعر محمد حافظ ” ديوان الشارع الممتد شرقا ” ) وذلك في العام الجامعي ٢٠١٧/ ٢٠١٨ ، كما أجرت معي مجلة ” الحصاد اللبنانية ” التي تصدر بأمريكا حوارا معي حول تجربتي الإبداعية ومجمل أعمالي .
★ما رأيك فى حفلات الشعر الغنائي ؟ وماذا أضاف الشاعر محمد حافظ لها ؟
الكلمة المغناة لها مفعول السحر في المستمعين ، وكلنا يؤمن أن كلمات ” الأطلال ، سلوا قلبي ، لا تكذبي ” ، وغيرها من القصائد المغناة لو لم يتوفر لها موسيقيّ حسّاس ، ومطرب موهوب لما تذوق المتلقون كثيرا من أبياتها ومعانيها ، ومن خلال تجربتي مع القصائد المغناة حيث اشتركت مع زملاء لي ك ” الشاعر الكبير عبد الستار سليم والشاعر الكبير سعيد الصاوي والشاعر الكبير بكري جابر والشاعر الشاب محمود خاطر ” في تقديم عدد من الحفلات الغنائية على خشبة مسرح سينما الحضارة بدار الأوبرا المصرية فكرة وإعداد الشاعرة المهذبة/ همت مصطفى ، والمطرب الفذّ / فايد عبد العزيز ، أقول من خلال تلك التجربة : إن الكلمة المغناة وسيلة مهمة جدا في توصيل رسالة مؤثرة في المتلقي تفوق في تأثيرها الكلمة المسموعة أو المقروءة ، ولقد لاقت قبولا مدهشا لدرجة أنه في إحدى الحفلات اُضطر أمن القاعة لإغلاقها أمام الجمهور حفاظا على الأرواح بعد أن امتلأت القاعة بالجمهور ، والكثير من الحضور قالوا لنا بلسان الحال والمقال لقد أعدتم لنا زمن الفن الجميل ، وصفّيتم آذاننا !
أما ماذا أضفت لها فالحقيقة هي التي أضافت لي حين مَنحتْ لكلماتي نافذة يطلّ منها محبو الشعر وعاشقو الغناء .
ولا يفوتني أن أتوجه بالشكر لاثنين:
الأول : الشاعرة المهذبة ” همت مصطفى ” صاحبة الفكرة
الثاني : سعادة الدكتور ” أحمد فرحات ” الذي قال أثناء مناقشته لديوان ” قبلة مؤجلة ” إن شعري كله يصلح للغناء ، ولو أنه كان يعرفني قبل صدور كتابه ” القصائد المغناة ” لأدرج به بعضا من قصائدي .
نسأل الله تعالى أن يزيل ما نحن فيه من غُمَّة حتى نواصل مشروعنا هذا .
★الشاعر محمد حافظ تم اختياره عضوا ممثلا لعدد من مؤتمرات أدباء مصر؟ ما سبب اختيارهم لك ؟ ، وما الإيجابيات والسلبيات بدون دبلوماسية ؟
الحمد تم اختياري لتمثيل نادي أدب العمال بشبرا الخيمة لحضور مؤتمر أدباء الأقاليم بالفيوم عام ٢٠١٢ ، كما تم اختياري أيضا ممثلا للنادي لحضور مؤتمر أدباء مصر بشرم الشيخ عام ٢٠١٢ ، وتم اختياري كذلك لحضور مؤتمر أدباء مصر أيضا بشرم الشيخ في العام ٢٠١٧ وفيه تم انتخابي عضوا ممثلا بأمانة المؤتمر عن أدباء محافظة القليوبية عامين متتاليين في دورتيه (٣٣، ٣٤ ) ، وتم اختياري عضوا بلجنة الأبحاث في الدورة الأولى ( الثالثة والثلاثين )، والاختيار له أسس ومعايير :
إحداها خاص باللوائح المنظمة للمؤتمرات حيث لا يتم اختيار عضو قبل مرور سنتين على الأقل .
الثاني يرجع للدور الذي يقوم به المبدع من تواجد وفاعلية في الوسط الثقافي .
ولهذه المؤتمرات الثقافية إيجابيات كما لها سلبيات ، فمن الإيجابيات أنها تزيد من دائرة التعارف ، وتكون فرصة لتناقح وتلاقح وتلاقي الأفكار ، كما أنها تضعك في بؤرة المشهد الثقافي بتطوراته .
أما السلبيات فربما يرجع إلى سوء التنظيم وهذا طبيعة العمل البشري – والكمال كله لله – فضلا عن تمثيل بعض نوادي الأدب بأدباء دون المستوى لمجرد أن الدور عليهم ، فيأتون المؤتمر للفسحة والترفيه ، فلا هم على دراية بلوائح يُراد مناقشتها للتعديل ، ولا على وعي بالحركة الثقافية وآخر مستجدات المشهد الإبداعي باختلاف أجناسه وتنوع فنونه ، فيذهبون ويرجعون كَمن مر على المقابر ! ، فضلا عن إغفال الهيئة العامة لقصور الثقافة جانب المتابعة لتوصيات المؤتمر وما تمّ تنفيذه منها ، وما لم يُنفذ … إلخ .
★لكل شاعر طقوس عند الكتابة، فما هي طقوسك ؟ وماذا تفعل حين يتلبّسك فيض الشعر فى أجواء غير ملائمة؟ وما رد فعلك إذا اغتال أحدهم أحدث بنات أفكارك ؟
ليس بهذا المعنى الذي قد يُفهم من السؤال ، فأنا لا وقت محدد عندي للكتابة ، ولا مكان ،
فقد يأتيني بيت الشعر في الطريق أو على مائدة الطعام ، أو عندما آوي إلى فراشي للنوم ، كل ما أقوم به واحد من اثنين: إما ترديد ما يأتنيني أكثر من مرة لأحفظه حتى أفرغ له ، وإما لو كنت في الطرق أو المواصلات أخرجت هاتفي وسجلته في مذكرته حتى أعود إليه فيما بعد ، وهناك حالات أخرى تلحّ القصيدة إلحاحا فأستمر في الكتابة إما على الهاتف أو صفحة ورد باللاب توب إن كان متاحا .
أما ماذا أفعل إذا اغتال أحد أحدث بنات أفكاري وأنا في طور كتابتها : لا شيء !
★لمَ لمْ تقِم صالونا أدبيا باسمك حتى الآن؟
أنا من المؤمنين أن كل إنسان ميسر لما خُلق له ، والصالونات الأدبية عبأ ومشقة لا أطيقهما ، لا تتخيلين حينما يُسند لي تنظيم ندوة أو أمسية أو إلقاء محاضرة ماذا يكون حالي من القلق والتوتر والانعتاق فيها حتى أنني أنسى شغلي أو أؤجله ، ونقطة أخرى أحمّلها قولي : إما أن تُقدِّم جديدا وإلا فلا ، كفانا تشرذُما !
★الشاعر محمد حافظ عهدتك رئيسا لنادي أدب شبرا ووجدت فيك روح المشاركة ، وفعليا انعشت الحركة الأدبية بالنادي ، لذا تخيلتك رئيسا مستقلا للثقافة ، منصب غير موجود حاليا ولكن دعنا نتخيل أنه وجد ، فماذا أنت فاعل ؟
دعني أسألك بصيغة أخرى فى إطار الواقع إذا أُتيحت لك الفرصة لتكون مسؤولا فأي منصب تختار ولماذا ؟
أختار أن أكون الشاعر محمد حافظ وكفى ، فأنا لا أجيد العمل الإداري .
★ ماذا قدم الشاعر محمد حافظ للمواهب الشابة ؟
إنني أحاول أن أمدّ يد العون لكل موهبة شابة بطرق عدة :
– في مدرستي ” عمر بن الخطاب الثانوية العامة للبنات ” أنظم لقاءات ومحاضرات مع عدد من كبار أدباء مصر ومفكريها لتنمية قدرات الموهوبات في جميع المجالات الأدبية من كتابة وإلقاء فمثلا :
– على مستوى المدرسة :
– أقمت يوما بعنوان” يوم المواهب ” استضفنا فيه الشاعرة الساحرة الرقيقة – قيثارة الشعر العربي – / سامية عبد السلام .
– لقاء آخر بعنوان ” فن الإلقاء ضرورة اجتماعية ” واستضفنا فيه الإعلامي العَلم والإنسان النبيل – نائب رئيس الإذاعة المصرية سابقا – الأستاذ / زينهم البدوي.
– لقاء ثالث بعنوان ” اللغة العربية أسرار وجماليات ” استضفنا فيه الإذاعية القديرة – كبير مقدمي البرامج الثقافية بإذاعة البرنامج العام – الأستاذة / جيهان الريدي.
– لقاء رابع بعنوان ” الكلمة والفن ودورهما في الارتقاء بالذوق و تحقيق السلم الاجتماعي ” واستضفنا فيه كلا من : الإذاعي القدير والشاعر النبيل – مدير عام البرامج الثقافية بإذاعة البرنامج العام – الأستاذ / السيد حسن
والدكتورة المدهشة – – / إيناس عبد الدايم
والفنان المطرب الفذّ صاحب الصوت المؤثر وألحانه القوية / فايد عبد العزيز . –
أما على مستوى الإدارة التعليمية :
فأنا – بفضل الله – ضمن فريق يضم أساتذة من قسم الفلسفة ، وإدارة الموهوبين بالإدارة نعمل ضمن فريق رعاية المواهب ، ولنا لقاء شهري بجميع طلبة وطالبات الإدارة ممن عندهم ملكة الكتابة أو حب الإلقاء ، حيث نستمع لإبداعاتهم وأصواتهم ونقدم لهم النصائح اللائقة .
– وعلى مستوى نادي أدب العمال بشبرا الخيمة – والذي أشرف بعضويتي به – فأنا وغيري من شعراء وأدباء النادي نقوم بنفس الدور من احتضان المواهب الشابة ، وتوجيه النصائح التي ينبغي تقديمها ، وإنما نردّ بذلك الجميل لمن أيضا احتضنونا ونحن في بداية حياتنا الأدبية ، فنحن حلقة متصلة ، كل جيل يأخذ ممن قبله ، ويعطي من بعده .
★حدثنا عن بنات أفكارك، كم ديوان طبعت ، وهل أنت َ راضٍ عن كل دواوينك ؟
الحمد لله لي من الدواوين المطبوعة أربعة : ( ستعود أصوات البلابل – الشارع الممتد شرقا – عازف ولا وتر – قُبلة مؤجلة) ،
وعندي تحت الطبع :
– ديوانان : ( الحب أندلس – بأي خيولنا نبدأ ) .
– مسرحيتان شعريتان: ( الشيخ – الزهراء ) .
أما عن الرضا وغير الرضا فهذا متروك للحركة النقدية فهي التي ترى إن كان ما يقدمه الشاعر له من التأثير ما يجعله عملا أدبيا جديرا بالقراءة أم غير ذلك ، وإن كان هناك من المبشرات التي تمنح المبدع بعض الرضا إزاء ما يكتب .
★أغلب الأدباء يتعجلون فى نشر كتابهم الأول، وكثيرا ما يعانون بسبب المراجعة اللغوية ، لا أظن أن ذلك الشعور انتابك بما أنك دارعمي؟
المعاناة عندي تتمثل في اختيار القصائد التي يضمها الديوان ، وكذلك تصميم الغلاف ، أما المراجعة اللغوية فأنا أكتب وأراجع بنفسي ما أكتبه ، وهذا لا يمنع وجود أخطاء مطبعية ، فنحن بشر !
ونشر ديواني الأول له قصة طريفة حدثت معي منذ خطواتي الأولى في درب الأمسيات والندوات الأدبية ، فقد بدأت حضور الندوات في العام ٢٠٠٥ ، وكانت أول ندوة برابطة الأدب الحديث – أبولو سابقا – وتعرفت من خلالها على الشاعر الكبير د / بيومي الشيمي الذي دعاني لجمعية أصدقاء على أحمد باكثير ، التي تُعقد بشارع الجمهورية بمقر رابطة الزجالين ، وبالفعل ذهبت إليه ودار بيننا حديث مُطَوّل عن دراستي واتجاهي الأدبي والمخزون الشعري لديّ ، ثم طلب مني تجهيز مجموعة قصائد لنشرها في ديوان ضمن إصدارات جمعية ” فرسان الفجر ” التي يتولى رئاستها… وقد كان ” ستعود أصوات البلابل ” وأقام له عدة أمسيات نقدية في عدة أماكن ، كان لها صدى طيب عندي ، مما حفّزني للمضيّ في هذا المضمار .
★أمنية تحققت وندمت أنها تحققت؟
وهل أحد يتمنّى ثم يندم على ما تمنّى ، أنا شخصيا لا أذكر أني تمنيت شيئا ندمت عليه .
★نختم رحلتنا ونعود بآلة الزمن لنرقب الطفل الرزين القابع بداخلك؟ هل كنت طفلا هادئا، هل عانيت فى طفولتك ، غُص بنا فى أغوار الطفل محمد حافظ؟
أكاد أرنو إليه منذ تلقيت هذا السؤال طفلا خجولا خَجَلَ الفتاة ، قليل الكلام ، قليل الحركة ، يحبه أبواه وإخوته ، رفيقا في تعامله مع أصحابه ، لا أذكر أني عانيت في طفولتي ، بل عشتُ مرحلة طفولة هادئة مستقرة استمتعت فيها بحنان أبي وخوفه عليّ وعلى إخوتي ، ورعاية أمي واهتمامها ، كان أبي – رحمه الله – يحرص على اصطحابنا جميعا إلى زيارة الحسين والسيدة – رضى الله عنهما – وعلى اصطحابنا للبلدة بالدقهلية لزيارة أهلينا ، حتى أنني أذكر أنني رغبت في شراء كرة ألعب بها في البيت، وذات يوم وجدت أبي عائدا من الشغل وقد اشتراها لي ، وما هي إلا لحظات قليلة حتى ( فرقعت ) فانهمرت دموعي ، وفي عصر اليوم التالي وجدته – رحمه الله – عائدا وقد اشترى لي واحدة أخرى ، فهل تظنين أن طفلا محاطا بكل هذا الحنان والحب يعاني ؟!
هل كان حواري معك مزعجا ؟
إلى حد ما ، فقد قلَّبتِ سواكن لم أكن أرغب الحديث فيها ، ومع ذلك فقد استمتعت بالحوار الذي ينمّ عن قراءتك الشخصية التي تحتاورينها قراءة جيدة .