تحدثت مع صديق لي عن إهتمام القنوات التلفزيونية الخاصة بمغنيين المهرجانات، وإستضافتهم لهم في قنواتهم.
فقال لي: إن هذا لم يأت من فراغ، وإنما عن قصد، وهو عمل مهم وبالغ الإهتمام. فشاب صوته قبيح ومعيب، ففي أنفه لحمية، ورغم هذا، غني وإشتهر وكسب ملايين الجنيهات، فهو بذلك عبرة ودرس للشباب، معناه: إنك حتى لو كنت عاجزا وفيك العبر، يمكنك أن تنجح وتغتني في أيامنا السودة هذه.قلت لصديقي إن أحد هؤلاء المغنيين عض مدرسته وهو في أولى ابتدائي.، يعني كان في السادسة من عمره، فطردوه من المدرسة ولم يكمل تعليمه.
فقاطعني صديقي قائلا في حماس شديد: يجب أن تدرس تجربة هذا الشاب، وأن يتخذه الشباب قدوة لهم، وإسمح لي أن أناقش معك الموضوع بهدوء وتريث، طفل في السادسة من عمره، عض مدرسته، مما أدى لفصله من مدرسته، فحقق بذلك فوائد عديدة له ولأهله، فقد إرتاح من التعليم وتعذيبه، خاصة حمله لحقيبة الكتب والكراسات الثقيلة التي تكسر الظهر، وتسبب العاهات للتلاميذ.
كما إنه وفر على أهله مبالغ كثيرة يدفعونها للدروس خصوصية وأعباء مالية تدفع طوال سنوات الدراسة، لو لم يهتدي هذا الولد النابه لعض مدرسته في بداية حياته الدراسية – ولو أني لا أعرف مكان العضو الذي عضه هذا الولد في جسم هذه المدرسة –
ليت هذا الشاب يتكرم علينا ويذكره لنا،ـ فربما أن مكان العضو الذي عضه، هو سبب نجاحه وتفوقه.قلت لصديقي: لقد طلبت منه المذيعة أن يغني، فظهر مدى قبح صوته.قال صديقي: أنت لست خبيرا في أنواع الغناء، فقد قسم العرب الغناء لثلاثة أنواع، تبدأ بالصوت الجميل، مثل صوت أم كلثوم وعبد الحليم حافظ وفيروز وفايزة أحمد ونجاة.
ويأتي في المرتبة الثانية مباشرة، الصوت القبيح، مثل صوت هذا الشاب- الذي تحدثني عنه – وتأتي في المرتبة الثالثة الصوت الوسط، فالعرب كانوا إذا أرادوا وصف رجل سمج وسخيف، يقولون:ممل وسخيف مثل الصوت الوسط.. ومادام الزمن لم يعد يرسل إلينا أصواتا في قيمة وجمال صوت أم كلثوم وعبد الحليم حافظ وغيرهما من الأصوات الجميلة.
فلنتصبر بالأصوات القبيحة، إلى أن تأتي الأصوات الراقية الجمال.وأكمل صديقي قائلا: هذه القنوات الخاصة تقدم خدمة للطفولة، تعلمهم كيف يختاروا طريق النجاح، فهذا الشاب رغم قبح صوته أحبته إمرأة غنية – يقول البعض إنها ذات مكانة عالية في قومها – فأنفقت عليه بسخاء، وأهدته سيارة غالية الثمن، قد يكون هذا ليس إعجابا بصوته المشوه بالقبح واللحمية في الأنف.
وإنما لأنه عض مدرسته، ويخيل إلى أن هذا الشاب قد أخبر السيدة الثرية بمكان العضو الذي هبشه عندما كان صغيرا، وحكى للمرأة الغنية تفاصيل ما حدث، وإلا ما أعجبت به كل هذا الإعجاب، وما أنفقت عليه بهذ السخاء، فهناك مسرحية عالمية لجون ملنجتون سينج إسمها فتي الغرب المدلل، تعجب فيها فتيات البلدة ونساءها بفتى لإنه ضرب أبوه بالجاروف فقتله.
وهاهي إمرأة غنية ومهابة تعجب بشاب لإنه في طفولته عض مدرسته. فكثيرون يعجبون بمن يأتي عملا يخالف القانون والمتبع.وصمتنا بعض الوقت وإذ بصديقي يقول لي: كيف فاتك أن تربط بين عضة هذا الولد وهو صغير لمدرسته، وحب إيمانويل ماكرون – رئيس فرنسا – فمدرسة إيمانويل ماكرون كانت سببا في نجاح تلميذها، ووصوله لهذه المكانة الكبيرة، وعض إبننا المصري لمدرسته وهو صغير، مكنه من أن يصبح مشهورا ولامعا وغنيا.