كلنا مررنا بفترة الطفولة وعشناها، وأثرت فينا، ومعظم الحالات النفسية التي يعاني منها البشر لها صلة بهذه الفترة. فيقولون إن شخصية المرء تتكون خلال إثنتي عشر عاما من حياته. لذا يلجأ الكثير من كتاب الرواية والقصة إلى العودة لطفولة أبطاله، وذلك لتبرير الحالات النفسية التي تمر بها الشخصية، فقد أفرد نجيب محفوظ صفحات كثيرة من روايته بين القصرين لكمال عبد الجواد، الطفل الصغير،.
وذلك تمهيدا لظهوره كشاب في الجزأين الآخرين – قصر الشوق والسكرية. وبطل رواية شجرة اللبلاب، صوره كاتبها محمد عبد الحليم عبد الله صغيرا، لكي يشهد زوجة أبيه الشابة مع إبن عمها في خلوة غير شرعية، مما يؤثر على حياته كلها، وليبرر الكاتب أسباب أزمته مع النساء عموماً. وقد لا تخلو رواية من روايات السير من وجود أطفال، فلا نستطيع أن ننسى دور طه حسين صغيرا، فيى روايته الأيام.
ومن الروايات التي أعطت مساحة كبيرة للطفل، رواية محمود دياب الرائعة أحزان مدينة التي تُبرز دور طفل يعيش في الحي العربي بمدينة الإسماعيلية – مدينة محمود دياب التي نشأ وعاش فيها – وكان عبد الحميد جودة السحار من أفضل الكتاب الذين أبرزوا دور الأطفال في الرواية، ويتجلى هذا الدور في روايتيه أم العروسة والحفيد.
ولكن هذا النوع من القصص لا نستطيع أن نضعه في خانة قصص الأطفال، فقصص الأطفال هي التي يمكن أن يقرأها الطفل، أو التي تحكى له ويستوعبها. وهناك كتاب أفردوا صفحات كتبهم للأطفال، فكتبوا عنهم ولهم، ومن هؤلاء الكاتب الانجليزي أوسكار وايلد. وقد حولت بعض قصصه إلى سيناريوهات نشرت في مجلات الأطفال، وسأحكي بعضها:
1 – العملاق الأناني: إعتاد الأطفال أن يلعبوا في حديقة قصر العملاق الجميلة الناضرة، في كل يوم وهم عائدون من مدارسهم. وذات ليلة عاد العملاق بعد غيابه عن قصره فرأى الأطفال يلعبون في الحديقة فصاح بصوت غليظ: ماذا تفعلون هنا؟
فخاف الأطفال منه وهربوا.
كان العملاق شديد الأنانية ولم يعد لدى الأطفال البؤساء من مكان يلعبون فيه، فحاولوا اللعب على الطريق لكن الطريق كان مغبرا ومليئا بالصخور الصلبة ولم يرق لهم، وإعتاد الأطفال أن يدوروا حول جدران قصر العملاق حين تنتهي دراستهم ويتكلموا عن الحديقة الجميلة بالداخل ويقولون: كم كنا سعداء هناك.
وعندما جاء الربيع وتفتحت كل الأزهار، بقيت مزروعات العملاق كما هي، فهجرتها الطيور التي لم تجد زهورا ولا أطفالا. لم يكن هناك سوى الثلج والصقيع اللذين صاحا: الربيع قد نسى هذه الحديقة ولسوف نظل هنا طيلة العام. فتساءل العملاق الأناني قائلا: لا أفهم لماذا يتأخر الربيع هذا العام؟
مرت الأيام ثقيلة وبطيئة على العملاق الأناني، فقد هرب الدفء إلى مكان آخر فيه أطفال آخرين يلعبون.
وذات صباح بينما كان العملاق الأناني راقدا متيقظا في فراشه سمع موسيقى جميلة. ثم شم عطرا جميلا فقال لنفسه: لا بد أن الربيع قد جاء أخيرا. فوثب من فراشه ونظر خارج نافذته، فرأى أجمل منظر في العالم، لقد زحف الأطفال إلى الحديقة من فتحة في جدار قصره وفوق غصن كل شجرة كان هناك طفل صغير وكانت الأشجار في غاية السرور لرِؤية الأطفال حتى إنها تغطت بالبراعم وراحت تلوح بأذرعتها فوق رءوس الأطفال وغنت الطيور وطلت الزهور برأسها من بين العشب الأخضر وضحكت.
قال العملاق لنفسه: كم كنت أنانيا! لقد عرفت الآن لماذا لم يزرني الربيع، لسوف أعيد الأطفال إلى حديقتي وسوف أهدم الحائط لتعود حديقتي ملعبا لهم، وخرج العملاق إلى الحديقة، فما إن رآه الأطفال حتى فروا منه هاربين. لكنه لحق بطفل منهم فحمله برفق ووضعه على الشجرة التي كان لا يستطيع الطفل الوصول لفروعها، فأينعت الشجرة في الحال وعادت الطيور تغني. فعاد الأطفال مطمئنين. فقال العملاق لهم: هذه حديقتكم أيها الأطفال.
وتناول فأسا وحطم السور. ودهش أهل المكان حين وجدوا العملاق يلهو مع الأطفال في أجمل حديقة في العالم.
2 – وردة حمراء: يقترب الفتي من حبيبته التي تصغره بعامين – تقريبا – يمد يديه إليها قائلا: أريد أن أرقص معك وسط هذه الحديقة الجميلة.
لكن الفتاة تعرض عنه قائلة: قلت لك ألف مرة، لن أراقصك إلا إذا أهديت إليّ وردة حمراء.
يقول الفتي في أسى: بحثتُ في كل مكان عن وردة حمراء، فلم أجد.
فإبتعدت الفتاة قائلة: أبحث مرة أخرى.
يُسرع الفتى خلفها متوسلا: لا تتركيني وحدي وإبحثي معي عن وردة حمراء.
فتصيح الفتاه وهي بعيدة عنه قائلة: لابد أن تعثر على هذه الوردة الحمراء وحدك.
فيقول – من مكانه – يائساً: لا توجد وردة حمراء واحدة في حديقتي الكبيرة هذه.
تبتعد الفتاة ويبقى الولد وحده حزينا قائلا لنفسه: إنني أستذكر دروسي، وأنجح كل عام، لكنني لا أجد وردة حمراء واحدة لأهديها لحبيبتي.
يتابع العندليب ما يحدث في حزن وأسي قائلا: يا له من تلميذ جميل، شعره أسود مثل الليل، وشفتاه حمراوان مثل الوردة التي يبحث عنها.
الولد نائم فوق العشب يبكي مرددا: سيقيم الأمير غدا حفلا، وأريد أن أرقص مع صديقتي طوال الليل.
العندليب في عشه يطل على الولد الحزين قائلا: إنني أغرد لكي أسعد كل الأطفال، لكن هذا الولد لن يسعد إذا غنيت له.
يترك العندليب عشه ويسأل من حوله عن وردة حمراء، فتقول الوردة البيضاء إن الحل أن تغرس جسدك في شوكة، فيسيل دمك علىّ حتي يتحول لوني إلى الأحمر.
ويفعل العندليب هذا وهو يتألم، فيأخذ الفتى الوردة الحمراء ويهديها إلى حبيبته، فتسعد وترضى أن ترقص معه، بينما العندليب يصارع الألم والموت.
الطفل في الأحلام: يحزن المرء إذا حلم في منامه برؤية ولد، ويقلق ويردد خائفا: اللهم أجعله خيرا. وأذكر عندما قال لي زميل في العمل: شفتك في المنام شايل ولد صغير. فصاحت زميلة كانت تجلس بجواري: يبقى حاتحصل له مصيبة.
لم أكن خائفا من الحلم، فأنا لا أعتقد في مثل هذه الحكايات، لكنني تشاءمت من المرأة التي فسرت الحلم في قسوة وعنف، وقد كانت مشهورة بغلظتها وحديثها القاسي.
فمفسرو الأحلام إهتموا كثيرا بالأطفال: فيزعمون إنه إذا حلم المرء بإنه رأي طفلة، فسوف يسعد، ولو كان يحملها في الحلم، فالله راضي عنه وسيعطيه المزيد من المال والخير، فالبنت دنيا في الحلم.
هذا التفسير منتشر في قرى ونجوع مصر وفي الأحياء الشعبية خاصة، التي عادة ما يكون سكانها وافدين من هذه القرى، وهناك تفسيرات أخرى في أماكن أخرى.
* فإذا رأيت في المنام أطفالا جميلين كثيرين فهذا يبشر بنجاح كبير وبركة.
* وإذا حلمتْ أم أن طفلها مريض مرضاً طفيفاً فقد تراه وهو يتمتع بصحة قوية.
* إذا رأيت أطفالاً يعملون أو يدرسون فإن هذا يعني أوقاتاً هادئة ونجاحاً عاماً.
* إذا حلمت أن طفلك مريض على نحو ميئوس منه أو إنه ميت فثمة ما ينبغي أن يثير مخاوفك كثيراً، فهذا معناه أن صحته مهددة على نحو محزن.
* إذا حلمت بطفلك الميت فإن هذا يدل على قلق وخيبة أمل في المستقبل القريب.
* إذا حلمت برؤية أطفال حزانى فإن هذا يعني متاعب يسببها لك الأعداء ونذيراً يثير القلق بعمل مخادع صادر عن أناس يتظاهرون بالود لك.
* إذا حلمت إنك تمرح وتعلب مع الأطفال، فهذا يشير إلى أن جميع مشاريع الحب والمضاربات التجارية سوف تنتصر.
* وإذا حلمت بأطفال يبكون، فهذا دليل على صحة سيئة وإحباطات
* وإذا حلمت برؤية طفل نظيف لامع فهذا تعويض عن حب وأصدقاء دافئين كثر. وإذا رأيت طفلا يمشي بمفرده فهذا دلالة أكيدة على الإستقلال والتجاهل الإجمالي للأشخاص الأصغر شأناً.
* وإذا حلمت إمرأة بإنها ترضع طفلاً فسوف يخدعها شخص تثق به أكثر من أي شخص آخر.
* وإذا حلمت إنك تأخذ طفلك وهو مريض بالحمى فهذا فأل سيئ. فستبتلى بأحزان في رغبتك.
* إذا حلمت بميلاد طفل جديد فإن هذا يعني مفاجآت سارة ستحدث قريبة منك.
* إذا حلمت فتاة أن لديها طفلاً فإن هذا ينبئ إنها ستكون متهمة بالتساهل في اللهو اللا أخلاقي.
* وإذا حلمت برؤية طفل يسبح؛ فهذا ينبئ بنجاة محظوظة من شرك ما.
الأطفال والسينما: كما إننا لا نستطيع أن نستغني عن الأطفال في كتاباتنا السردية والشعرية؛ فلا يمكن أن نستغني عنها في أفلامنا، وقد برع الكثير من مخرجي السينما في تقديم الأطفال في أفلامهم ومن هؤلاء المخرج عاطف سالم، فقد بدأ عمله الإخراجي بفيلم الحرمان لفيروز، ونجح فيه حتى أصبح من أهم مخرجي السينما، ولا يخلو فيلم من أفلامه من وجود أطفال، يسيطر عليهم ويقدمهم بحرفية وتلقائية عجيبة، ويتجلي هذا في فيلميه أم العروسة والحفيد.
وبرع الكثير من الأطفال في السينما، وكان على رأسهم الممثل سليمان الجندي الذي أثر على جيلي، ففي المرحلة الإبتدائية كان لي زميل إسمه سليمان، فأطلق على نفسه إسم سليمان الجندي من شدة إعجابه به.
ولد سليمان الجندي في24 أغسطس 1945 وإختار الإسكندرية لتكون ملاذه في السنوات الأخيرة من عمره ومات فيها في 16 أغسطس 1996.
ولا نستطيع أن ننسى فيروز الطفلة الأرمينية التي أبدع أنور وجدي في تقديمها وتاهت بعد موته فلم تجد مُخرجا يستطيع تقديمها في الصورة التي ظهرت بها في أفلام أنور وجدي، ثم ظهرت أختها الصغرى نيللي التي أكملت طريق أختها، وإكرام عزو التي مثلت في عائلة زيزي والسبع بنات وماتت في 13 يونيه 2001
وخفيف الدم أحمد فرحات الذي مثل في أفلام شارع الحب ومعبودة الجماهير وإشاعة حب وتألق في فيلم سر طاقية الإخفاء.
وهناك الكثير من الممثلين الأطفال الذين أبهرونا في فترة من حياتنا مثل دينا عبد الله التي مثلت الحفيد ومفتش المباحث وغيرهما من أفلام وأختها إيناس عبد الله التي مثلت: نص ساعة جواز وشاطئ المرح وأم العروسة،
وعن رأيي الشخصي فإنني أعتبر أن أهم طفلة ظهرت في السينما هي ضحى أمير، فقد مثلت دور صباح وهي صغيرة في فيلم ثورة المدينة مع محمد فوزي ومن إخرج حلمي رفلة عام 1955. ومثلت دور مريم فخر الدين في طفولتها في فيلم رد قلبي مع شكري سرحان وأحمد مظهر من إخراج عز الدين ذو الفقار عام 1957. ومثلت في أفلام وعد من إخراد أحمد بدرخان عام 1954، وشباب اليم من إخراج محمود ذو الفقار عام 1958 وجمعية قتل الزوجات من إخراج حسن الصيفي 1962.
وبدأت علاقتها بالسينما.
عندما قرأ أحد أقربائها في مجلة فنية، عن حاجة المخرج كمال الشيخ لفتاة لتقوم بأحد الأدوار في فيلمه الجديد حياة أو موت، فبادر بإرسال صورتها على العنوان المكتوب في المجلة – وتم إجراء اختبار لها مع ثلاث فتيات، فوقع أخيار المخرج ومساعدوه عليها. فأبدعت في الفيلم وأعتبرها بطلة الفيلم الحقيقية. ومازلت أحرص على مشاهدة الفيلم كلما عرض في التليفزيون لمشاهدة ضحى أمير وهي تتجول في شوارع القاهرة، خاصة شارع القصر العيني ومنطقة جاردن سيتي والعتبة، ومصر القديمة.