وقالت نملة (لحظات تدبر) بقلم. شحات عثمان

 

بينما أتناول وجبة الأفطار وكان جهاز التلفزيون على قناة (Ayat) كان القارئ الشيخ عبدالباسط عبدالصمد يقرأ سورة النمل وعندما قرأ بصوتة الملائكى :حَتَّىٰ إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) شد أنتباهى وجعلنى أتدبر معانيها رغم أننى ربما قرأتها مئات المرات من قبل مما دفعني للأمساك بتلابيب قلمي والبدء بكتابة هذا المقال .

النمل حشرة صغيرة فى الحجم من مخلوقات الله فى الكون وجسدها يغلب عليه فى التكوين مادة الزجاج فهو سهل التهشيم والتحطيم وقد أسلم بعض العلماء الغير مسلمين عندما قارنوا ما ورد فى كتاب الله عز وجل المنزل على سيدنا محمد صل الله عليه وسلم قبل 1439 عام على النمل ورغم صغر الحجم لكنها كبيرة جدا ، بنظامها وأفعالها ومدى قدرتها على التكيف مع المجتمعات .

الحديث فى الأيه الكريمة جاء عندما قام سيدنا سليمان بمرافقة المخلوقات والجنود التى جعلها الله مسخرة له عند الوصول الى وادى النمل وعندما شاهدت هذه النملة التى جعلها الله آيه للعالمين جيش النبي وعظمته وقدراته الهائلة فما كان منها الإ أن تتوجه بحديثها الى الرعية التى تقودها وأظهرت براعتها فى منحنا دروس فن القيادة فى المجتمعات والتى تلخصت فى العناصر الأتية التى لاحظتها فى هذه الآية الكريمة :-

1/ سرعة أتخاذ القرار المناسب فى الوقت المناسب وذلك ظهر عندما شاهدت الجيش يتحرك بإتجاههم وذلك فى قوله تعالى (حتى إذا أتوا وادى النمل) .

2/الحسم والقوة فى أصدار القرار وعدم اللين وذلك ظهر جلياً فى فعل الأمر (أدخلوا مساكنكم ) .

3/الشفافية فى التعامل بين القائد والرعية وذلك لنفاذ بصيرتها بإن مرور الجيش على أجسادهم سيؤدى الى هلاكهم لا محالة لطبيعة تكوينهم الجسدى وجاء ذلك فى قوله تعالى (لا يحطمنكم سليمان وجنودة ).

4/الحرص على الرعية ومعاملتها المعاملة الراقية التى تليق بها فلا فائدة من قائد لا يرعي رعيتة وظهر ذلك الحرص والخوف على الرعية من خشية فناء النوع وذلك فى قوله تعالى (لا يحطمنكم ) أيضا.

5/اللياقة والذوق فى فنون التعامل بين الكائنات والمخلوقات وظهر ذلك جلياً عندما قالت النملة (وهم لا يشعرون) حيث انها جعلت لسيدنا سليمان وجيوشه العذر والمبرر بعدم رؤيتهم لهذه الكائنات صغيرة الحجم .

فن القيادة فى المجتمعات رسمه القرأن الكريم وجاء مثال النمله فى قصة سيدنا سليمان لتقريب المعنى وتوصيل المعلومه بسهوله للعباد فهنيئا لمن وعى وتدبر تلك الصفات وغرسها فى نفسه ونفوس أطفالة حتى يصبح القادة فى المجتمعات مؤهلين للتعامل فى أعمار الكون وبناء المجتمعات .

قمت بمطالعة بعد المراجع العلمية عن النمل ووجدت أن هناك عالمين من العلماء وهما ويلسون وهويلدوبلر وقد ذكرا في دراستهما عن الفارق بين وزن النمل ووزن البشر عبارة ربما علمتها للمرة الأولى وهى : “إذا اعتمدنا عددا متحفظا، فإن الأرض إذا كانت تحمل على متنها واحدا في المئة من النمل، فإن مجموع تعداد النمل سيقدر بعشرة ملايين ترليون نملة وبما أن معدل وزن النملة الواحدة يتراوح ما بين واحد إلى خمسة ميلليغرامات. لذا، فإن وزن مجموع النمل في العالم كله سيكون تقريبا بمقدار وزن البشر جميعا ) .

سبحانك ربي ما أعظم آياتك وما أعظم رسائلك التى وصلتنا على لسان الحيوان والطير والحشرات وصدقت عندما قلت ( سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق) فهل آن لنا أن نتدبر فى مخلوقات الله ونتعلم العظات والدروس ؟

لنغرس فى أنفسنا وأبنائنا صفات قالتها نملة حتى نصبح مجتمعات جديرة بإن تكون قائد وملهم فى تطوير وأعمار الكون فما أحوجنا لصفات هذا القائد الصغير فى الحجم الكبير فى العلم والقدرة والنظام .

اترك تعليقاً