موسوعة كتاب القصة والروايه العرب / الاديبه : وجيهة عبد الرحمن

 

السيرة الذاتية

وجيهة عبد الرحمن
كاتبة وروائية كردية من روجآفا – مقيمة في ألمانيا
رئيسة جمعية آسو لمناهضة العنف ضد المرأة
باحثة اجتماعية في مجال الطفل والمرأة والأسرة
تكتب الرواية القصة والشعر
لها في مجال الرواية:
الزفير الحار- رواية عن دار رؤية بالقاهرة 2012
لالين.._ رواية صادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر2016
رواية لالين مترجمة إلى الفرنسية عن دار المنارة للنشر
العبور الخامس كُتبت في ألمانيا بعد الهجرة –صادرة عن دار الخليج بالأردن 2017
في القصة لديها خمس مجموعات قصصية:
الأولى بعنوان (نداء اللازورد)2006 عن دار الزمان بدمشق
والثانية بعنوان ( أيام فيما بعد)2008 عن دار الزمان بدمشق
والثالثة بعنوان ( أم لوهم البياض) 2010 عن دار الزمان بدمشق
الرابعة بعنوان (الإفريز) 2015 عن دار الخليج بالأردن
الخامسة بعنوان أسئلة الحواس الخمس – جائزة نجيب محفوظ
وفي الشعر:
كن لأصابعي ندى – شعر – دار رؤية- القاهرة2011
Wisaديوان شعري باللغة الكردية 2011 صادرة عن اتحاد أدباء كردستان- فرع دهوك
تمائم- ديوان شعر_ محطوط
امرأة غيري- ديوان شعر _ مخطوط

بالإضافة إلى البحث الاجتماعي فهي تكتب البحث الاجتماعي الخاص بالمرأة والطفل والأسرة ولها في ذلك العديد من المحاضرات والأبحاث الميدانية تم نشر بعضا منها والباقي تم إلقاؤه على شكل محاضرات في المراكز الثقافية بالمحافظات السورية منها:
– العوامل المكونة لشخصية الطفل
– المضمون التربوي لأدب الأطفال
– الأسرة( معوقات استمرارها
– العقاب والثواب في تربية الطفل
– عندما تعمل المرأة
– تربية القيم الجمالية عند الطفل
– معالجة ظاهرة الخجل عند الطفل
– عملت كباحثة اجتماعية أيضا في سجن النساء من أجل إعداد بحث سيكولوجي بعنوان( سيكولوجيا الجريمة عند المرأة)
– المرأة تصنع السلام( فضيلة النوع)
– المرأة بين مطرقة اللجوء وسندان الحاجة
حاصلة على العديد من الجوائز الأدبية في مجال القصة على مستوى القطر منها:
جائزة نقابة المعلمين المركزية عام 2004
جائزة البتاني عام2005
جائزة اتحاد الكتاب العرب عام2006
جائزة مهرجان الخابور الأول عام 2006
جائزة عبد السلام العجيلي للقصة القصيرة 2008
جائزة مجلة العربي الكويتية لثمانية أعدادعام2010- 2011-2012
جائزة الأديب الكبير عبد الباسط الصوفي للإبداع عن مجموعها( الإفريز) عام2010

– المركز الأول في جائزة نجيب محفوظ على مستوى الوطن العربي2012عن مجموعتها أسئلة الحواس الخمس – نص( مسرحية ما- فصول الأرق) تجسد مجزرة حلبجة.

 

لها العديد من المشاركات في المهرجانات المحلية السورية والخارجية منها :

– مهرجان الشعر الكردي في سوريا في دوراته ال12-13-14-16
المهرجان القومي للشعر الكردي
– مهرجان الألف شاعر لدار الكلمة نغم ،مشاركة
ومكرَّمة كأفضل قاصة وأديبة سورية لعام2011
– الملتقى العربي الأول لقصيدة النثر- القاهرة
– مهرجان دهوك الثقافي – دهوك2006
– مهرجان أديبات من سوريا 2008- 2010
– مهرجان القصة السورية بمناسبة كون حلب عاصمة للثقافة
– مهرجان قصيدة النثر في سوريا2009
– مهرجان القصة السورية تحت عنوان( أيام أنطون تشيخوف القصصية)لدورتين
– الملتقى الأدبي النسوي الأول لجمعية ماري للثقافة والفنون
– الملتقى العربي لقصيدة النثر- القاهرة2010
– المهرجان القومي للشعر الكردي- أربيل 2012 ممثلة عن شعراء الكرد في سوريا.
– يوم القصة العالمي – تركيا 2010
– شاعرة ضيفة على مركز الشيخ ابراهيم آل خليفة للثقافة والبحوث بدولة البحرين برعاية وزيرة الثقافة الشيخة مي آل خليفة

تنشر في العديد من المجلات العربية والدوريات المحلية والصفحات الالكترونية
مقيمة حاليا في ألمانيا.
أنشطة وندوات متعددة في كافة أنحاء ألمانيا كروائية وناشطة حقوقية.

 

السَّرابُ وهمٌ للخائفين
(أساطير الغيب)

اللحظة الحاضرة هي ملكك النهائي،
اقبض على اللحظة. أطياف الماضي وهواجس المستقبل
تجتمع على التهام الحاضر الذي لا نملك سواه.
ماركوس أوريليوس

هكذا وجدت نفسي، ذات حلم، محاطة بمزيج هندسي من الأسئلة المستوطنة في رأسي، بعدما فقدت كل أثر، ولو لخيط يوصلني إلى حدِّ فكِّ رموز الأثلام المشرئبة نحو بحر السَّماء الفيروزي، وصلتُ صامتة إلى مفترق طريقين لا ثالث لهما، بتنهيدة عنزة صعدت مطوّلاً لتصل إلى قمة الجرف خلاصاً من بائد جنسها، وهناك احتفظتْ بآخر ورقة للعب، والرهان على البقاء أطول مدة ممكنة.
ماذا تنوين فعلاً بعدما اضمحلت حتى السبخات في جسد الأرض، جاءني سؤالي لنفسي محمَّلاً بهواء رطب ملأ صدري غيظاً، لأنَّي لا أملك الجواب.
قلبتُ فنجان القهوة على رأسه لأفرغ ما تبقَّى فيه من طحال البنّ على الطبق من تحته، بعدها نفخت فيه مرات عدة لينشف الطحال، تأملت فنجاني ، إذ بي أرى تداخل الأشكال وتراكم التعرجات، قدمته إليها لتقرأ عليَّ تلك الأشكال المتداخلة، والتَّعرجات الأفعوانية التي لم أفهم منها شيئاً.
إنَّها العرَّافة المغربية التي طرقت باب بيتنا هذا الصَّباح، وهي تحمل أشياءها وعدَّة عملها كعرَّافة، لتقول لي أنَّها ستقرأ طالعي، وتجيب على أسئلتي.

الطَّالع..

أمامكِ أبواب وشبابيك، بعضها موصدة والآخر مواربة، خلف هذه وتلك قمة وأنتِ في الأسفل تلتفين حول نفسك حائرة، قلقة.
ماذا تنوي القول لي، أصيخ السَّمع إليها لتوصلني إلى ماهية ما تراه في قعر الفنجان، وجدرانه ذات الأشكال المبهمة.
كنتُ محاطة بوهم جليدي، وعينايَ محدِّقتان في شفتين شقتا سواد وجه العرَّافة، تتحركان متلمظتين حوافها، بينما تتدلى من أنفها حلقة دائرية، تحيط بي الدائرة الضيقة فتضيِّق عليَّ أنفاسي، ما أزال واهمة بأنَّها ستخبرني حقيقة الأبواب المواربة والشَّبابيك الموصدة في وجه الرِّيح.
تكمل العرافة:
ستمضين دون توغُّل في حقل شوك الخرنوب أو ما شابه، ستدهسين براز الكلاب، وتعافُ نفسك قذارة ما سقطتِ به، تقودكِ خطواتك نحو دهليزٍ ضيق يودي إلى متاهة لا عنوان لها، يتمزق خفك لشدَّة ما حاولت إزالة ما علق به من براز الكلاب، تخلعين الخفَّ، تمشين حافية، وكأن لقدميك جلد الثَّور، لا تبالين بالألم الذي قد يصيبهما إذا ما سرتِ بهما طويلاً في مساحة من شوك الخرنوب والعاكول.
أقيس نبض قلبي، تتسارع الدقَّات، والطبول تقرع في صدري، أطير بذاكرتي إلى مدارات لا أعرف عنها شيئاً، أتذكَّر أشياء، أتوهم أنَّها قد تنطبق على ما تقوله لي زائرتي هذا الصباح.
ماذا تنوين قوله لي، أقول لها بحَيرة.. والدَّهشة تهتكُ تفاصيلي، وتحرج ذهني المترفع عن كل الغيبيات.
لا ترفع بصرها عن الفنجان، تدير الفنجان إلى ناحية أخرى، ثمَّة ما ينتظركِ في حقلٍ يتاخم الهضبة القمة التي بدت أمامك، وعلى مرأى من بصرك خيالٌ يذوي حيناً، ويظهر فجأةً، ليعود ويختفي، ليس سوى شبح.

الشَّبح..

ظلمة الَّليل داكنة، والليل هائج، ثائر من سواده، والنَّجوم التي توزعت باطمئنان في ردائه.
أسمع دهس خطوات في بهو المنزل الذي ابتعته بعد رحلة يأس عانيت فيها من التشرُّد، بعدها هبطت الطُّمأنينة دون مقدمات، بغلالة من الهدوء الذي سبق كلَّ ما وشى بي فيما بعد.
صوت الخطوات تلك أعادني إلى ما يشبه حياة الكهوف، بخوفي منه وما وراءه، لكنَّني لم أسمع صوت تلك الخطوات سوى مرة واحدة، الأمر الذي أثار حفيظتي فأبحث عن صاحبها.
سمعتهم يقولون ذات مرَّة: لمعرفة ما إذا كان شبحاً من يسير ببطء في الليل، عليك أن تذرَّ البهو ببودرة، فتظهر آثار أقدامه، كيما تتأكدي من أنَّ هناك من يتنقل ليلاً في البيت، أعادتني ذاكرتي إلى تلك الليلة التي سمعت فيها دهس خطوات في بيتي، تراءى لي حينها أنَّه روح أبي الذي ما غادرني يوماً، مذ استسلم للملائكة، لتأخذه على أجنحتها في نزهة أبدية، يقيني بأنه معي في كل أحوالي كان يجعلني أشعر بالأمان.
بتُّ أذرُّ البودرة كل ليلة، وأتظاهر بالنَّوم، لكنَّ طبقة البودرة السَّميكة التي نثرتها في البهو عجزت عن رسم آثار أقدامه، إذ إنَّه استحال طيفاً طائراً.

الطَّيف..

طرق الرُّعب أبواب قلبي، واستكانت أطرافي للشلل، يداي إلى قطعتي حطبٍ رطبٍ تحولتا، إذ أمام عيني تبدَّى الطيف، واقفاً بذؤاباته يحدق بي، ثمَّة طيف يداعب الريح، فاغراً شدقيه عن حلم استيقظت منه كسلاً، الأحلام يقين الهائمين على وجوههم ، الباحثين عن مخارج للعبور إلى الضفة الأخرى من يقينهم، وقد بدَّدت ذاك اليقين بأنْ فتحت عيني على مصراعيهما فتلتقي نظراتي والطيف الحائم حولي.
كانت ليلة مريبة، خانني فيها الأمان الذي كان لي من تواجد روح أبي حولي، أبقيت على عيني مفتوحتين لأبدِّد وهم الطَّيف.

السَّراب
منذ متى وأنتِ هنا، لم تغادرِ طيفك الذاهب في الوحدة إلى أقصاه، وأنتِ معلَّقة بحبال صمتك، أو ملتصق كتفك بنبوءات نسيج العنكبة في أقصى زاوية ضياعك، والأرق إذ تبدَّى لك، فإنَّه من شمال السَّمت المغناطيس آتٍ، يفتح معابر أمامية ويرمي بالتُّراب على جانبي الأخدود الذي شقَّه للتوِّ الأرق الذي ألمَّ بي.
طيفكِ لم يعد هنا بعدما خلتهِ قد أطبق الأجفان على صورتك أمامه، هواؤه الجلل محفوف بالأرقام التسلسلية، والمتواليات الحسابية التي ضجَّت في رأسك حالما التقى ناظراك به.
كان طيفاً من سراب، كلُّ ما حولك سراب يتموج في صحراء روحك التي باتت على شفير اليأس.

 

عودة إلى العرَّافة بعد تأملٍ في ذاكرةٍ خانها اليقين.
العرَّافة ما تزال تحدِّق في فنجاني، ربما تحتال عليَّ، ربما حقاً ترى في قعر الفنجان طيفاً أو شبحاً يعلو فوق رأسي، متى هممت بالمضي قدماً بحياتي.
بعد أن أنهت أكاذيبها وغادرتني غير ملتفتة إلى الوراء، رحت أبحث في أجندتي عمَّن استحال شبحاً في حياتي، يخيفني، ويخنق أحلامي؛ تأملت كلَّ نأمة في جسدي، تأكدت من أنني لست طيفاً زئبقياً، أنا هنا حقاً، ثم عدت لأفترش ذاكرتي كبساط سحري أمام ناظريَّ، تأملتُ الوجوه التي مرَّت بي وغادرتني تاركة روحي معلقة بها أبداً، استرجعت تفاصيل الوجوه تلك، أحدق في ملامحها ربَّما تفسِّر لي تعابيرها عما ستحمله لي بعد رحيلها عني، كلَّما أدرت قرص الوجوه الليزري (الملامح) أمامي، أبداً يضيء الأحمر في عينين لا أعرف لمن أنسبهما، أعيد الكرة مرات عدة لأتأكَّد أنَّني أفكِّر في الوجه الخطأ في عمليتي التحليلية ، تلك العينان لم أعرفهما، كانتا تحدِّقان في مجهول تفاصيلي، لا بدَّ لهما من صاحب.
مرة أخرى ضجَّت الأوهام في رأسي؛ إنَّها العرَّافة التي أثارت قلاقلي كلَّها، ونبشت الذاكرة، وفتحت الدرب المغلق أمام أوهامي لتتجول كما يحلو لها في رأسي.
ها أنذا مجدداً أبحث عن أجوبة لأسئلتي، قالوا لي بأنَّ ثمَّة رجل يخاطب الأرواح ويخرج الشَّياطين من الأجساد، ويقرأ الطَّالع، ربَّما أنَّه يعلم بالغيب، بحثت عنه، وإليه توجهت لأؤكِّد يقيني برجل مثلنا، آدمي، أنَّى له أن يستحضر الأرواح ويسبر الأغوار ويقرأ الطَّالع ليخرج الرُّوح التي استوطنت جسدي!.
حدَّثته عن الغموض الذي يلفُّني، عن أسئلة لا مفرَّ منها، وليس لها من إجابات، هزَّ رأسه يميناً ويساراً، ثم قال لي بأنَّه سيقدمها لي، سيخبرني عما يجول في خاطري. استكنت له بكليتي، ليباشر عمله، بعد كتابة عدة رموز على كفي اليمنى، لم أفهم معناها ولا مفادها،
وقراءة تعاويذه، والنفخ في وجهي كل مرَّة يقرأ فيها شيئاً من مزامير النبي داؤود، والآيات القرآنية، ومن الإنجيل، ومن التوراة، أعتقد بأنَّني سمعت ما كان يقرأه، اكتشف العرَّاف الرَّجل أنَّ الشَّياطين قد استباحت جسدي، قال لي بأنَّه قادر على إنقاذي منها وطردها من جسمي، ثمَّ طلب مني الاستلقاء على ظهري وبدأ يقرأ تعاويذه مرَّة أخرى، تارة ترتفع يدي وتارة أخرى تختنق أنفاسي، شعرت بثقل الجبل جاثماً على خاصرتي، ثم بعد حين انزاح كل شيء، تفتت الجبل وخرجتُ من تحت الأنقاض، إذ قال لي بأن الشياطين المسكونة فيَّ هربت بعيداً.
الآن العرَّاف يخبرني بأنَّ ساحري قد تلاشى وما عدت أسيرةً لذاكرة امتصت مني رحيق العمر.
في الطَّريق إلى البيت، والوقت ساعة الذروة، شعرت بصوت يضجُّ في رأسي، تسمَّرت في مكاني، إذ لم أعد قادرة على الحركة، استحال كلُّ ما حولي إلى سراب من نوع الهلام، بدوت أسبح في تموجات هلامية، أنَّى لي الفكاك منها، لم أكن أهذي أو يقظةً أحلم، كنت أشعر بالحياة من حولي تمضي، وأنا الوحيدة التي غرقت في بحر من هلام أفكاري. هل حقيقة كنت طوال الوقت مسكونة بوهم الشياطين، هل ما سمعته في تلك الليلة من دهس للخطوات كان شبحاً استباح عزلتي، كيف لي أن أقنع نفسي بكلِّ ذلك؟؟.
حالة من الهذيان بتُّ عالقة فيها ولم أستطع منها فكاكاً في تلك اللحظة، كان الكل يمضي قدماً وأنا أراقب، وتكثر الأسئلة التي لم أبحث لها عن أجوبة، العرَّاف والعرَّافة نشرا الرعب في بساتين عقلي وأوهماني بأسطورة الشَّبح والطَّيف والشَّياطين، وفي غمرة عزلتي وأوهامي وأحلامي الكبيرة، ثم تلك الأسئلة التي دفعتني إلى أن أطرق أبواب الغيب، سقطت مغشياً عليَّ من هول الوهم الذي أحاط بي، وحين استيقظت في الصباح كانت الهرَّة تلعق بلسانها خدي، ورأيت طفليّ وهما يحدقان بعيونهما الصغيرة إلى أفق بعيد، ليعلماني أنَّ السَّراب وهمٌ للخائفين.

صفحة مجلة مببدعو مصر على الفيس

اترك تعليقاً