من حكايات العم بهلول ( 2 ) فانتازيا / بقلم : نعيم الاسيوطى

عمي بهلول.. كل الناس بتقول عليه مخلول.. ينام الليل تحت الكباري وتحرسه كلاب السكك.. وفي النهار تجري وراه العيال ويحدفوه بالطوب.. حد فيكم يعرفه.. أو سألته ليه هدومه مقطعه.. امتى أكلت أخر مره.. بس اللي اعرفه إن طول النهار صايم.. والبرد عنده حر.. والناس كلها عنده سواسية.. عمره ما كره حد ولا زعل حد.. وحنين على الحيوانات وبالذات قطط الشوارع.. شفته أخر مره عند الترعه الابراهيمية بيسبح قطه بيضاء.. ولما كلب عزبة السجن قعد يهوهو عليه.. نكش الزبالة على عضمة أو لقمة عيش محشي باللحمة.. هو عادي يأكل مع الكلاب والقطط مش فارقه معاه.. دا حاله من يوم ما أتولد مع الانفتاح الاقتصادي.. افتكر يومها كان عاقل قوي.. ومخلص تعليم متوسط.. كنت قاعد معاه تحت نخله قلبها محروق.. حرقها الحقد والطمع.. فتحت الراديو وسمعت خطاب القائد الأعلى وهو بيقول :
– في عام 80 سوف يصبح لكل مواطن فيلا وعربيه .
يومها حضني عمي بهلول ودموع الفرح زغردت على خدوده.. واتنططنا أنا وهو ساعتين بحالهم.. مرت السنين والسنين.. ونمنا في الفيلا وركبنا العربية.. بس أيه كان أحلى حلم.. ياااه على أحلام بلدنا يا ولاد.. بذمتك أنت حلمت توكل بيضه لكل عيل.. ولا اليوم كله تأكل شكك.. وأنت يا أبو لباس مقطوع أمتى اشتريت واحد جديد .. خايفين تقولوا.. كلنا جعانين وعريانين جوه وبره.. وهما واكلين وشاربين ويسكي وبيغنوا ويرقصوا.. واحنا ولاد كلب بنشتم ونضرب في بعض.. تصدقوا أحنا ملناش خير في بعض.. ونستأهل كل اللي بيحصلنا.. بس بس اسكتوا عمي بهلول جاي هناك اهو.. عن إذنكم هروح أساله عن حالنا.. يمكن المخلول يكون عنده جواب.. وخليكم انتوا قاعدين زي الكراسي وعمركم ما هتقولوا لا خير ولا شر
– أزيك يا عم بهلول
– محدش زيك يا فقري يا ابن الفقري
– رايح فين وقت المغارب
– مغارب ولا عصاري كله زي بعضه.. الزمن وقف من زمان
– بلاش فلسفه وقولي رايح فين
– رايح الجبانة
ومسك يدي وقعدني جنب الزبالة.. وحكالي ع الحلم اللي شافه بالليل .. وفي طريقنا للجبل شاف عنزة بتولد.. وصاحبها مش عارف يعمل لها حاجه.. خبطه كف على رأسه وقال:
-العنزة دي هتولد دكر.. ومش أي دكر.. هتولد فارس يركب حصان.. ويحارب الهكسوس والتتار اللي هجموا علينا.. وضحكونا وخلونا حلمنا لحد الحلم ما قتلنا. ضحكت على كلامه المخلول.. وقلت:
– العنزة هتولد فارس ويركب حصان.. دي عنزة يا عم بهلول.. مش واحده ست.
دغني بلكميه في بطني وقال:
– غور في داهيه هتفضل طول عمرك غبي ومصدق أصحابك بتوع الأدب والسياسة.
وولدت العنزة صخل صغير.. جلده احمر وابيض واسود وقعد يتنطط ويقول:
– الحلم بكره هيتحقق.. وهيكون عندي فيلا وعربيه.. وادي البشارة.. والفارس المعزاوي جاي يا ولاد.
وبعد ما خلص ضحك ونطيط.. سكن.. والحزن أترسم على وشه.. وكملنا طريقنا لحد ما وصلنا للمكان اللي شافه في الحلم.. ورسم دايره كبيره.. وفضل يحفر ويحفر.. ولما غلبه التعب كملت مكانه لحد ما تعبت.. سألته:
– أنت عايز إيه من الحفر يا عم بهلول
– شويه وهقولك
ورجعنا نحفر تأني لحد ما تعبنا وبرضه سألته
– إيه اللي شفته في الحلم
سابني وجري بين القبور وينادي على الأموات.. وقرب مني فجاه وخبطني بقالب طوب في دماغي وقال:
– اصرخ معي.. خلي المخلص يظهر ويبان
فهمت إن الهم والحزن هزموه.. ومعدتش عمي بهلول ينزل تاني.. لأنه راح يرجع المخلص من بين الأموات .
حد شاف عمي بهلول

اترك تعليقاً