محمد الدسوقى يكتب عن مؤتمر ادباء مصر بشكل جديد خالص

1- شهدتُ منذ بداية انطلاق أول مؤتمر لأدباء مصر في المنيا ، وحتى الدورة ال32 الفائتة قبل أيام ما يزيد على 20 مؤتمرا ، أي أنني شهدت الهزائم المتكررة لهذا المؤتمر في مواجهة التحديات التي تواجهها الثقافة المصرية ، ومأساة هذا المؤتمر أنه ترتيب وربيب أدباء من الموظفين الذين يتحكمون في كل شيء ، وفي أماناته المكونة من عدد يزيد على ال30 أديبا ، ليسوا سوى الشكل إلا قليلا ، أما المضمون ، فلا أحد يستطيع تغييره ، ولهذا تتكرر هزائم المؤتمر ، مجرد موالد ، تقام وتنفض ، دون أن تترك أثرا حقيقيا ، يمكن أن يكون بداية لأي تغيير ، بل إن إقامة المؤتمر كل عام في محافظة من المحافظات ، جعله مجرد فسحة ، أو سياحة ، يتقاتل عليها أنصاف الناس ولا أقول الأدباء ، فأصبح فرصة لتغيير الجو ، ولو سألت أحدهم عما أفاده من المؤتمر سيقول دون تردد – اللقاءت – التي جمعت الشامي مع المغربي ، بداية من الإسكندرية وحتى الصعيد ، بدليل أنه بعد مرور 32 دورة من دورات هذا المؤتمر ، وسؤال الثقافة المصرية مازال هو هو .. الثقافة المصرية إلى أين ؟! ولا أظن أن أحدنا يستطيع الإجابة ، فالسلطة الثقافية العليا تتحكم في كل شيء ، وتتخفى وراء لوائح وضعها أدباء دجنتهم هذه السلطة – بعلمهم أو وبدون – ولهذا لم يتغير شيء ، ولن يتغير إلا بالمواجهة ، وبخطوات جادة ، ورؤى قادرة على مواجهة الفوضى الخلاقة التي خربّت عقولنا ونفوسنا ، لهذا كله يمكن البدء بطريقة مختلفة تضعنا أمام عتبة بداية مغايرة وحقيقية يمكن الانطلاق منها ، والخروج من هذه الدائرة المغلقة التي يدور فيها مؤتمر كان يمكن أن يكون حائط الصد الصلب في مواجهة هذه الهزائم التي نعيشها … ( بالمناسبة كنت عضوا في أمانة أدباء مصر عام 2008 وهاجمت الأمانة ورئيس الهيئة في حوار في جريدة الجمهورية – صفحة أدباء الأقاليم ، والتي كان يحررها الصحافي يسري السيد ، وكان رئيس الهيئة حينها د/ أحمد مجاهد ) وقلت في حواري ما هو أكبر مما أقوله الآن ، هذا للتذكرة فقط )
2- من المعروف عند الجميع أن هيئة قصور الثقافة تقيم في كل محافظة مؤتمرا سنويا ، أو كل عامين ، ويسمى مؤتمر اليوم الواحد ، يناقش قضايا الثقافة في المحافظة التي يقام بها ، ثم تقيم الهيئة أيضا ” مؤتمر سنوي إقليمي ” أكبر من سابقه ، ويضم 5 أو 6 محافظات ، تحت مسمي الإقليم الثقافي ، وهي محافظات متماسة جغرافيا وثقافيا – كإقليم وسط الدلتا ، أو القناة وسيناء ، ثم في النهاية تقيم المؤتمر الجامع الكبير – مؤتمر أدباء مصر- وهذا الحجم من المؤتمرات الذي يبدأ من السفح وحتى قمة الهرم يشير إلى حجم ما تقيمه جهة واحدة ” هيئة قصور الثقافة ” من مؤتمرات لا رابط بينها ، كل مؤتمر في جزيرة منبتة الصلة بالأخرى، وأعتقد – لو كنا نعقل – أن يكون الهدف الأول من هذه المؤتمرات هوتكوين حالة ثقافية واجتماعية وفكرية للمجتمع المصري تكون قادرة على المقاومة والتصدي ، في ظل ظروف استثنائية بالغة الخطورة ، فلو أن موضوع ” الهُوية ” مثلا هو الموضوع الذي يجب أن نناقشه معمماً على كل هذه المؤتمرات ، فبالتأكيد سيتم تناوله من وجهات نظر مختلفة ، نظريا وتطبيقيا ، وسنخرج بنتائج مذهلة ، فالهوية في محافظة ما ، غيرها في الإقليم الذي يضم مجموعة متجانسة من المحافظات ، فالهّوية مثلا في سيناء لها منظور يختلف عنها في البحيرة ، أو دمياط ، وهنا وفق ما اقترح يكون مبحث الهُوية – كمثال – حالة عامة نتعرف من خلالها على ما يعتور مجتمعاتنا من نقص وعيوب ، لغة وأداءُ ورؤية اجتماعية وسياسية واقتصادية أيضا ، إن سؤال الهُوية ، أو الحداثة مثلا ، أو المواطنة ، أو أي شيء أخر ، المهم أن يكون هناك مشروع ، أو قضية تمس الوطن يتناغم الجميع في بعثها ونفخ الروح فيها نظريا وتطبيقيا ، محالة جماعية أو جمعيّة نحن في أشد الحاجة إليها .
3- نأتي لمكان مؤتمر أدباء مصر ، وميزانيته ، وطريقة الدعوة إليه ، ومن يستحق المشاركة الفاعلة ، ومن لا يستحق
– ميزانية المؤتمر – يجب أن تكون مدرجة في موازنة هيئة قصور الثقافة – وقتها لن يستطيع أحد التهديد بعدم إقامة المؤتمر في أي ظرف ، فلا يتحكم فيها رئيس هيئة ولا محافظ ، أو وزير ..
– إن إقامة المؤتمر في محافظة من المحافظات يعد تقزيما للمؤتمر ، فهو بهذا المنطق ، لا يزيد عن مؤتمر اليوم الواحد ، أو مؤتمر الإقليم ، إلا في العدد فقط ، وهذه المسألة يجب أن تكون مفهومة – وليس معقولا أن يكون مؤتمر أي إقليم يناقش إبداعات ما يقارب 5 أو 6 محافظات ، والمؤتمر العام يناقش محافظة واحدة ، والمقترح ( وهو ما قدمته في ورقة منشورة في كتاب أبحاث مؤتمر أدباء مصر المنيا 2003 أي قبل 14 سنة ) أن يقام المؤتمر في القاهرة ويصبح مثل معرض الكتاب الدولي ، له مكان ثابت ، وميزانية ثابتة ، وهو ما يعني أن عدد الحضور سيقل من حيث التكلفة ، وسيزيد من ناحية العدد ، لأن كثيرا من أدباء مصر سيحضرونه دون دعوة رسمية ،
– طريقة عمل مسابقة للباحثين أثبتت فشلها ولم تقدم أسماء جديدة ، ودخلت فيها المجاملات ، والمؤتمر الأخير يؤكد ذلك ،
– اختيار الشخصيات العامة مسألة تحتاج إلى إعادة نظر ، وأيضا مسألة اختيار عضو واحد من كل ناد للأدب ، وهي قسمة ضيزى -، فإذا كان هذا يجوز في محافظة مثل جنوب سيناء – بأن يرشح منها عضو واحد من نادي الأدب الذي لا يزيد عن 20 أديبا ، لكنه لا يجوز مع نادي أدب كفر الشيخ أو دمياط مثلا ..
ابحثوا عن حلول – ثقافتنا المصرية على المحك …

اترك تعليقاً