لمحة عن سلمان ابراهيم الخليل


سلمان ابراهيم الخليل كاتب وباحث من سوريا مواليد 1969 خريج معهد اعداد المعلمين يعمل في سلك التدريس كما يعمل في مجال حقوق الانسان كباحث وناشط ، صدر له كتاب بعنوان “حول الدولة والديمقراطية وحقوق الانسان ” عام 2016 ، وصدر له أيضا مجموعة شعرية مشتركة مع مجموعة من الشعراء العرب بعنوان ( محابر عربية ) عن دار الفينيق – الأردن ، كما له كتاب جاهز للطباعة وهو عبارة عن مجموعة نصوص ، نشر له العديد من المقالات والدراسات في المجلات والصحف والمواقع العربية والكردية
…..
أنظمة ومجتمعات السقوط الاخلاقي سلمان إبراهيم الخليل
تقترن الانسانية الحقيقية اقترانا شديدا بأشكال الاعتراف المتبادل. وقبول الآخر المختلف ، ولا يمكن أن نطور وعي الذات بدون الاعتراف بالآخر المغاير، أن بدون أشكال الاعتراف بالذات هذه لن يتمكن أحد من الإسهام بطريقة حرة وفعالة في التكوين السياسي والمدني للمجتمع. وسيبقى المجتمع عرضة للحروب الاهلية والنزاعات المدمرة التي قد تؤدي إلى تشظي نسيجه الاجتماعي وتمزيقه ، وما يحصل في العديد من دول العالم العربي مثل سوريا – العراق – ليبيا – اليمن – وغيرها من حروب ونزاعات داخلية ، أكبر دليل على حالة التشظي وتمزيق النسيج الاجتماعي للمجتمعات بسبب هيمنة الفكر الاستبدادي وذهنية الاقصاء والالغاء التي تمارسها الانظمة الدكتاتورية تجاه مجتمعاتها وتمارسها المجتمعات تجاه بعضها البعض وتجاه افرادها ، إن سيادة ثقافة الغاء الآخر ومحاولة صهر خصوصيته ولو بالقوة ، في المجالات الاجتماعية والثقافية والسياسية، هي نتاج البنية البطركية، والعصبية المغلقة، والوعي العصبوي، في مجتمعاتنا هناك أفراد وفئات ومكونات وجماعات مقموعة ينظر إليها كرعية وعبيد ويتعرضون لكافة أشكال القهر والعسف والاضطهاد ولا يعترف بإنسانيتهم ولا بحقوقهم ، وينظر إليهم كملحقات هامشية ، لا يحق لها ان تطالب بحقوقها وانسانيتها هذه النظرة تسوقها الأنظمة الاستبدادية لكن مكمن الخطورة إنه يتبناها قطاعات واسعة من المجتمع ، خصوصا أبناء القومية أو الدين السائد ، رغم إن كافة الشرائع السماوية والقوانين الوضعية والمواثيق والعهود الدولية قد اكدت على حق المساواة بين كافة القوميات والامم والأعراق والاثنيات وحقها في تقرير مصيرها ، هنا يمكن الاشارة إلى الفقرة (2) من المادة الأولى – من أهداف ومبادئ الأمم المتحدة والتي نصت على “إنماء العلاقات الودية بين الأمم، على أساس احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب، وبأن يكون لكل منها تقرير مصيرها، وكذلك اتخاذ التدابير الأخرى الملائمة لتعزيز السلم العام.” بالإضافة إلى المادة الخامسة والخمسين من الفصل التاسع الخاص بالتعاون الدولي والاقتصادي والاجتماعي، ويتضمن ما يلي:
“رغبته في تهيئة دواعي الاستقرار والرفاهية الضروريين لقيام علاقات سليمة ودية بين الأمم، مؤسسه على احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بيت الشعوب، وبأن يكون لكل منها تقرير مصيرها.” كما أكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في القرار رقم “2787” والصادر في 12 كانون أول 1972م حق الشعوب في تقرير المصير والحرية والاستقلال وشرعية نظامها بكل الوسائل المتاحة لها والمنسجمة مع ميثاق الأمم المتحدة، وطلبت في القرار رقم “3970” الصادر في تشرين ثان 1973م، من جميع الدول الأعضاء الاعتراف بحق الشعوب في تقرير مصيرها واستقلالها وتقديم الدعم المادي والمعنوي وكافة أنواع المساعدات للشعوب الذي يناضل من أجل هذا الهدف.” وغيرها الكثير من المواثيق الدولية التي تؤكد على المساواة وحق الشعوب في تقرير مصيرها ونيل حقوقها ، لكن رغم ذلك نرى العديد من القوميات والأقليات والمكونات تتعرض للظلم والاضطهاد والعنف وانكار حقوقها وانسانيتها على يد الأنظمة المستبدة مع تغاضي القوميات السائدة عن هذه السياسات القمعية والاقصائية التي تمارسها الأنظمة تجاه المكونات الاخرى ، وعندما تطالب هذه القوميات والمكونات المظلومة بحقوقها ، يعلن النفير العام ضدها من قبل الانظمة الحاكمة وكذلك من قبل قطاع واسع من ابناء القوميات السائدة ، وخير مثال على ذلك الموقف العدائي من قبل حكومات ايران وتركيا والعراق وكذلك قطاع واسع من أبناء القوميات التركية والفارسية والعربية ، ضد الاستفتاء المزمع أن يجريه اقليم كردستان العراق بشأن تقرير مصيره في الخامس والعشرين من الشهر الجاري ، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على رؤية شوفينية حاقدة ولا اخلاقية ضد الشعب الكردي ، لأنه من حق الكرد كما كل شعوب المنطقة والعالم أن يقرروا مصيرهم بنفسهم وأن يقيموا كيانهم المنشود ، على أرضهم التاريخية ، وهم أي الكرد عندما يقررون مصيرهم فهو حقهم الطبيعي وليس موقفا عدوانيا موجها لأي قومية ، بل هو تصحيح لظلم تاريخي لحق بالكرد ، إن الممارسات الاقصائية والقمعية والتمييزية التي كانت تمارسها الأنظمة المستبدة ضد الكرد لم تكن فقط مجرد سياسة هذه الأنظمة ، بل هي ثقافة ومنظومة قيم لها جذور ممتدة في أعماق المجتمع ومخياله ، رغم وجود أصوات في هذه المجتمعات تعترف بحقوق الكرد ، لكنها تمثل اقلية ، إنه قمة السقوط الاخلاقي والانساني أن تطالب بحقوقك كشعب وكأفراد وتنكره على الشعوب والقوميات الاخرى بل تسعى لصهر خصوصية الآخر ولو بالعنف والقمع ، إن هذه المجتمعات تعاني من أزمة أخلاقية كبيرة وقصور معرفي بنيوي، على هذه المجتمعات ان تدرك بدون الاعتراف المتبادل لا يمكن الخروج من العزلة الهوياتية والانغلاق على الذات، إن انكار الأخر المختلف هو من اخص خصائص الاستبداد ،سواء كان استبداد سياسي ام ثقافي أم اجتماعي ، وقد استعمل الفيلسوف الكندي شارل تايلور مفهوم الاعتراف في مجال المطالب السياسية المشروعة للأقليات الثقافية والهويات المهمشة. ورأى أن المجتمعات التي تعرف تعددا ثقافيا يصبح فيها الاعتراف حاجة ضرورية، وذلك بالنظر إلى العلاقة القائمة بين الاعتراف والهوية.
إذا من المهم تحقيق أشكال الاعتراف المتبادل حتى يتمكن افراد المجتمع من المساهمة في الفضاء العام بدون إكراه وبدون خوف. هذا يعني أن في مرآة الآخر يمكن أن نطور وعينا ونحقق هويتنا ،ونبني دولا ديمقراطية ، ونعزز الانتماءات الوطنية ، لذلك تحتاج هذه المجتمعات وقواها الفاعلة إلى التخلص من ارثها الفكري والسياسي الموغل بالاستبداد والاقصاء ورفض الآخر، وتبني ثقافة العيش المشترك على أسس المساواة والندية والدفاع عن الحقوق الجماعية لكافة المكونات التي تشكل بنية المجتمع ، وكذلك الاعتراف بالحقوق الفردية والسماح لأفراد المجتمع بتحقيق ذواتهم تاليا الوصول إلى دولة المواطنة 

يشرفنا زيارتكم واعجابكم بصفحتنا على الفيس اضغط هنا للاعجاب بصفحة مبدعى مصر

اترك تعليقاً