وفاء عبد الرزاق نبيل مصيلحى
وفاء عبد الرزاق نبيل مصيلحى

قراءة فى قصيدة ( علمتني ) بقلم / نبيل مصيلحي

وفاء عبد الرزاق تعزف على وتر الشعبية العراقية ..!! قراءة في قصيدة ( علمتني )
بقلم / نبيل مصيلحي
ليست هذه هي المرة الوحيدة التي أتناول فيها الكتابة عن الأديبة العراقية العربية وفاء عبد الرزاق بالقراءات النقدية ، فقد تناولت العديد من أعمالها الإبداعية في الشعر والقصة القصيرة والرواية ، وأسعدني نشر هذه القراءات في بعض الصحف المصرية والعربية ومواقع التواصل الاجتماعي بالفيس بوك وتويتر والمجلات الالكترونية .
وفاء عبد الرزاق تمتلك مساحات كبيرة من المحبة في قلوب العرب ، في طول وعرض الوطن العربي ، فهي الداعمة للسلام من خلال الإبداع ، ورئاستها لــ ( المنظمة العالمية للإبداع من أجل السلام ) ،والتي انتشرت فروعها في معظم دول العالم .
كما أن إبداعها الأدبي المتنوع ، تناوله الكثير من الباحثين والباحثات من طلاب الدراسات العليا للحصول على الماجستير والدكتوراه ، والنقاد ، ولها الكثير من الإصدارات الأدبية في ألوان الكتابة الشعرية والنثرية ، وأصدرت لها العديد من دور النشر العربية والأجنبية ، وقامت بترجمة أعمالها .
ويسعدني أن أكمل مشواري في رحاب إبداع الرائدة وفاء عبد الرزاق ، وفي هذه المرة أغوص في بحر شعرها الشعبي ، والذي يعرف بالشعر النبطي ، وقد قمت من قبل بتحكيم بعض المسابقات لمنتدى عالم الإبداع ، في الخواطر الشعرية باللهجة البنطية ، وأنا لا أدعي معرفتي التامة باللهجة الشعبية العراقية ، ولكن أستشعر ما أعجز عن تفسره بإحساسي من خلال سياق الجملة الشعرية .
وفاء عبد الرزاق الناشطة الثقافية والأدبية والإنسانية ، تشرف على مجالات كثيرة في بلاد المهجر بلندن ، وتقيم العديد من الأمسيات والندوات والمهرجانات الشعرية .
وهذا المقام الذي لا يتسع لذكر فيضان الإبداع الذي قدمته وفاء عبد الرزاق للحياة الأدبية في العالم ، أنا هنا بصدد الكلام عن قصيدتها التي استمعت إليها بصوتها ، العذب ، وقرأتها ، وهي بعنوان .. ( علمتني )..!!
وفي عموم الكلام عن لغة القصيدة ، فقد تميزت بمزج اللهجة الشعبية العراقية ، بمفردات عربية فصيحة ، وكان القدر الكبير لمفردات الفصحي ، مما دفعني للكتابة دون خوف من التيه في قاموس لهجتها الشعبية ، ومما قرَّب المعاني التي احتوتها القصيدة إلى فهم وإدراك المشاعر التي فاضت بها وعبرت عنها . وبمعنى آخر هي قدمت لغة تمسك بزمام الوسطية بين ما هو شعبي عراقي وما هو فصيح .
علمتني شلون أحبك
هسَّه جاي تريد أنسى
وللمقاربة أكتبها بالعامية المصرية :
علمتني ازاي أحبك
دلوقتي جاي وعايزني أنسى
حيث تبدأ قصيدتها الشعبية بالعتاب الشجني ، والعتاب هو عاطفة وجدانية قد يتبعها الصفح والسماح ، أو يتبعها الهجر المستباح . ومفردة ( علمتني ) اجتاحت جل مناحي القصيدة ، لقدر تأثيرها على الشاعرة علمتني حدودي تتلاشى وتذوب ..!!
وتعلمت أيضا كيف تضع شفتيها على وردة وتنوب عنها ، يا لهذه الشفاه .. من الرقة والحسن والدفء .. فكيف تكون مشاعر من يقرأ أو يسمع أو يحس بالصورة الجميلة التي رسمتها بالكلمات .
وما بين العتاب بالحنين والعتاب بالشجن تقول : عطبت قلبي بجمرتك ، والجمرة التي تعطب تصيب القلب بجراح الحرق ، وهنا عتاب القسوة .
ولا تبتعد الشاعرة بشعرها أن تقدم الحكمة .. علمتني القدم من يعثر يقوم ، لتبث للروح قوة الإرادة والعزيمة والإصرار .
وتدق بيد الرجاء على الأبواب المغلقة ..
وتنفض ثوب عطشها فوق السراب ، وتعلق فرحة عيونها ، لعل الآتي يجئ بالأمل المنشود ، وحتى في البعاد روحها تعتني به . يا له من وفاء وإخلاص وتفاني في الحب ، وفي ساعة أن تصيبها الجروح ، تتعافى من الحزن بالصبر وتلملم ألمها ، وتغفو بكل هذا بسواد حضنها .
وعلمتها كيف تمسح تعبها ، وكيف تسافر في سكة كتافك لعبها .. وبعد كل هذا التعليم يكون البعاد والهجر .. ويكون منها العتاب الرقيق ( هسَّه جاي تريد أنسى .. عندي لك قعدة في بستان / في حديقة / في جنة ..!! وعندي لك شكبان ماي / وعندي لك أحمال ماي ، يعطي بساحل حنيني ، ينشد حروف الرسايل / علمتني .. بالنفس أعلق شمعتك وأضوي بدموع الشموع .
وبعد كل ما أصابني وأصاب حلمي وقلبي ، وتألمت وتوجعت ، هل تريد أن أضحي وأعود .. ( هسَّه جاي تريدني أموع / دلوقتي جاي عايزني أموع ) وأضيَّع في كل هذا الصبر والاحتمال .
وتعيد وتكرر مرات ومرات .. ( علمتني ) ، بالعتاب واللوم والحنين ، عواطف تفيض بسخاء في حنايا القصيدة .
وكيف للنهر عندما يعطش يفيض ، صورة تركتها للقارئ يتخيل ، ما نوع العطش ، فهل يفيض بالحرمان ، أم يفيض بماذا ..؟!
ولا ينتهي العتاب إلى حد الشجنية ، بل تجمع كل المعاناة في صبغت قصتي بسوادك ، ورغم ذلك هي لا تبيع ، وتحسه الماء اللازم لحياة العين .. ( ولسَّه أحسك ماي عيني ) .
وفي صفاء روحها برغم العذاب التي مرت به تقول : لا الوقت خلاني أنسى .. لأنها تعودت على العطاء ، لدرجة أن السكين لا يقدر أن يحني ظهرها .. ( لا مليت ولا انحنيت / عودتني بيك أحبك / شلون بيك تريد أنسى ) .. أزاي بيك عايزني أنسى .!
نحن أمام قصيدة تفيض منها الرومانسية بسخاء ، ويكثر فيها نبرة العتاب واللوم ، ويعلو فيها قيمة وعظمة المعلم ، واحترام المتعلم .
هي قصيدة تدفقت فيها المشاعر الفياضة بالعواطف الوجدانية ، التي لا تنفصل عن انتمائها للحب والصفح والسماح ، وامتلأت بمفردات .. ألم العتاب ، والنبرة الشجنية المرهفة ، والتصوير الفني ، جعلتها قصيدة إنسانية مؤثرة ورائعة .
نبيل مصيلحي
عضو اتحاد كتَّاب مصر
ـــــــ
القصيدة
( علَّمتني شلون احبـّك)

علَّمتني شلون أحبك
هسّه جاي تريد أنسى ؟
علَّمتني حدودي تتلاشى وتذوب
وبحدودك صافية تغفا الذنوب
وعلّمتني شلون أحط شفتي على وردة
وعنها أنوب
عطبّت گلبي بجمرتك
گتله توب
علّمتني شلون أضم
جمري بحسرتي وبيها ألوب
وعلَّمتني الجدم
مِن يعثر يگوم
هسّه بيدينك يحوم؟

عاندت ما تصد ليّه
گـلت أحزمّنه وريدي بلچي تخجل
عـلَّمتني
شلون أحبك
وانفضت ثوب العطش فوگ السراب
علَّگت فرحة عيوني
زند ترجيَّة على باب
لا الونين وياي تايب
ولا الفرح بعيوني تاب
علَّمتني
تبعد بروحي أعتنيك
وعلَّمتها الوحشة تذبل من تجيك
وعلَمتها
جروحي تتعافى بحزنها
وعلّمتها تصير عين
تلملمك لفة جفنها
وتغفا بسوادة حضنها
وطاوعيت دموع عيني
بيدك تمسّح تعبها
ومن تسافر
سِچّـة چتافك لعبها
وأنتَ غفران السوالف
يدفن سنينه بذنبها
هسّه جاي تريد أنسى
وعندي لك گعدة فياي
وعندي لك شكبان ماي؟
يعطش بساحل حنيني
ينشد حروف الرسايل
بيا حرف ترضى تجيني
بالنفس أعلـگ شمعتك
وأضوي بدموع الشموع
هسّه جاي تريد أموع
نيّمت آخي بحلمها
هسّه جاي تريد المها
تريد اصّحيها وأعيد
واطلع بموَدة عذابي
عيد لابسني جديد ؟

علَّمتني النهر يعطش يفيض
وفيّضت سماي عيني وأنت گيظ
وإشتراني الليل وبئيدك بعتني
مشـّطتها الـﮔذلة ﭽرغد
بيها يتلولح جبيني
صَبّغت گـصتي بسوادك
ولسّه أحسّك ماي عيني
علّمت روحي تحبك
لا الوكت خلاّني أنسى
ولاني منّه تعوّديت
عوَّدت سَچّـين ظهري تنحني
لا هي ملـّت
ولاني ملـّيت وحنيت
هسّه بصدودك حنيت
علَّمتني بيك أحبك
شلون
بيك
تريد
أنسه؟ .

قد يهمك أيضا

مساجلات شعرية بين نبيل مصيلحى ومحمد عبد القوى حسن

إلى( نجاة ) بنت أخويا عبد القوي . قصيدة للشاعر الكبير : نبيل مصيلحى