قراءة فر رواية ( قصة حب مجوسية ) لعبدالرحمن منيف محمد

( لعل الحب أكثر ما في الحياة عُذوبة وعذابًا؛ لأنه لقاء الرغبة والإرادة، وتحول اثنين إلى اكتمال متسق وقوة لا تخاف ولا تتردد) عند قراءة هذه العبارة نشعر بقوة صاحبها اللغوية وقدرته على التعبير والوصف، ونتخيل أننا أمام رواية عاطفية فلسفية من الدرجة الأولى، ولكنك مع القراءة قد تُصدم؛ بدايةً من العنوان ( قصة حب مجوسية )، أو ربما يجعلك هذا العنوان مقبلاً على الرواية لغرابته؛ وخاصة لو تعرف كاتبها ( عبدالرحمن منيف ) وما يحمله هذا الاسم من تاريخ وأعمال .
ـ القصة لرجل حزين يتجه إلى منتجع للنقاهة، بعد مرض ألم به، وهناك يشاهد امرأة يهيم بها عشقًا، كما يشعر بحبها له، وذلك من نظراتهما، ويظل يتابعها ويبحث عنها يوميا، ويراقب تحركاتها في كل مكان (الشاطئ ـ صالة الطعام ـ ومكان الرقص ـ الشرفة …. ) يحاول الجلوس بأقرب الأماكن لها، ويجد لذته في نظرة منها أو التفاتة، وعندما تقترب يحترق قلبه بل ويهرب منها، لذلك شبه قصة حبيبته بالنار المقدسة عن اليهود ـ يعبدونها ولكنها تحرقهم حال القرب فيبتعدون عنها ـ. ـ يظل علي هذه الوتيرة طيلة وجوده بالمنتجع، حتي يتركه ويرحل بعد انقضاء العشرة أيام،
وشعر بعد عودته بالحنين الجارف لها وتتلاشي في عينيه كل النساء؛ فيظل يبحث عنها طيلة سنة في كل أرجاء المدينة ـ هكذا نظن حيث أننا سنجد بعض العلاقات ـ لم يترك مكانًا محتملًا لوجودها إلا وذهب إليه ( المسارح ـ الحدائق ـ محطات المترو والقطارات ….. ) يتسكع في الطرقات بحثًا عنها ـ ومن الغريب أنه لا مانع لديه من إقامة بعض العلاقات الجنسية مع حبيبته السابقة التي قررا سويًا أن يكونا أصدقاء ـ ولكن القدر يشاء له أن يجدها في أخر لحظاته بتلك المدينة بعدما قرر العودة إلي الوطن ـ بعد انقضاء عامه الدراسي ـ في محطة القطار، فيلتقيان وتجرى هي إليه ويفترقان … وهنا نجد عدة أمور: ـ هذه الرواية ما هي إلا قصة رجل ماجن تتعدد علاقاته الجنسية، التي يصرح بها بل ويصفها وصفًا مبالغًا فيه، وقد نجد علاقتين في وقت واحد، وهو في مواضع كثيرة يعقد المقارنات بينهن بل وبين ( ليليان ) محبوبته الجديدة، كما نجد العبث في نفس اللحظة
حين يُقر بأنه لو سنحت له الفرصة لنال من ( ايفان ) واسترد (ردميلا) ….. فأين يكون الحب؟!!! كيف يكون الحب لإحداهن والجنس للأخريات؟!!! ـ طوال تلك الرواية يظل ينفي رغبته الجنسية في حبيبته الجديدة، هل نشعر منه هنا بالحب؟!! أم بإحساس الضياع والتيه؟!! ـ نجده في موضع أخر يقر بأن تعدد علاقاته ربما يرجع لفقدانه الأم في سن صغيرة؛ مما أفقده الإحساس بالحنان والأمان، فهل يُعقل هذا؟؟ هل كل من فقد أمه تتعدد علاقاته؟!! هرااااااء ـ الرواية تثير عدة تساؤلات: 1 ـ التساؤل الأول: ما معنى الخطيئة؟ نجد أنه يدافع عن حبه ويري أنه ليس بالخطيئة ـ كانت الكنيسة في ذلك الوقت تُعد الحب للمتزوجة خطيئة كبري ـ بل ويعترض وبشدة علي كلام القس، ويسب الكنيسة والقساوسة وذلك طوال الرواية وفى أكثر من موضع، هو شديد التذمر، خارج على الدين والعادات بدرجة كبيرة. 2ـ التساؤل الثاني: هل يمكن للحب أن يتحول إلي صداقة؟ نجد ذلك في علاقته بـ (ميرا) فقد أراد إقناعنا بذلك، بتحول الحب إلي صداقة وبرضا الطرفين ولا مانع من الجنس بينهما،
أي نفس بشرية سوية تتحمل ذلك ؟؟ ( تأثر بالحياة الغربية ) هل تقبل العربيات بذلك؟!!! 3 ـ التساؤل الثالث: هل هناك حب خالد حقًا؟ هو يؤصل لتلك الفكرة، الحب الخالد في النفس والروح، حتي مع عدم وجود المحبوبة وانعدام اللقاء. ولكن لي تساؤل (هل الحب الخالد يجتمع والنزوات؟!! هل الحب المتملك للروح يتماشى وامتلاك أجساد الأخريات ؟ّ!!! أي عبث هذا؟ • في النهاية أرى أن الرواية سيئة من الناحية الأدبية والقصصية؛ حيث لا حبكة ولا قصة (غير حبه لسيدة متزوجة بلا أمل) • يميل الكاتب للأسلوب الغربي في الكتابة، وذكره للجنس بلا داعٍ أو مبرر ـ رغم انتشار هذا الأمر الآن في الكتابات وبطريقة مستفزة،
اعتقادًا من البعض أنه وسيلة لجذب القراء. • كما يكثر من الاعتراض علي الكنيسة ورجالها وطريقة الاعتراف بالذنوب والتطهر منها ويرى أنه عبث. • كذلك يكثر من التشبيهات بالنار المقدسة عند المجوس بلا داعٍ أيضًا. • وفى النهاية هي رواية لم أكن أتوقعها من كاتب له اسمه ووزنه، تخيلت أنني سأجد رواية عظيمة الأركان كباقي كتاباته الروائية وغير الروائية. • يبقى هنا أهم التساؤلات وهو ما أثار مخيلتي فعلا: هل هناك من يستحق أن يظل قابعًا بداخلنا علي أمل اللقاء به ؟!!!

اترك تعليقاً