حكايات الزمن الجميل
الاستاذ فراج الالفي

فراج الالفي يكتب: “انا مش مجنونة ياولاد الكلب”

كان عندنا زمان ست تبدو مريضة نفسياً بس كانت دائماً بتقول جملة جميلة جدا كانت تقول العقل والدين يا رب من عيال الشيخ زياد ثم تقف وتحدد الجهات الأصلية شمال وجنوب وشرق وغرب وتقول أنا مش مجنونة يا ولاد الكلب وأحنا نجري وراها بالطوب.

وفي مرة مسكتني قالت حتي أنت يا أستاذ فراج تفتكرني مجنونة زى أولاد الهمايل دول كنت وقتها عندي عشر سنوات لكن كانت تقولي يا أستاذ دون عن كل عيال القرية ومن يومها عمري ما شاكلتها ولا جريت وراها بل بالعكس كانت لما تيجي حتتنا كنت أمنع عنها الصبية والأطفال وكنت ممكن أعمل مشكلة علشانها.

كانت حتتنا سويقة القرية كانت مرة شارية طبق فول قبل المغرب راح ولد ضربها بطوبة وقع منها الفول اخذت منها الطبق وروحت اشتريت لها بقرشين فول من مصروفي ومشيت معها حتي بيتها كانت مطمئنة وسعيدة إني ماشي جنبها وشايل أنا الفول.

لما جوزها مات كانت تقوم من النوم كل صبح تقبل مكانه علي الحصيرة الحلف وتدعيله وتقول الموت خدك من بين الناس كلها علشان الموت بياخد الناس المليحة واغلي الرجال.

المهم جالها عرسان كتير بعد زوجها عربجي كارو وسرباتي بينزح دورات المياة قالت بعد سيد الرجال مفيش حد هفضل عايشة علي سيرته مرات فلان أبو فلان لحد ما أموت والبيت يبقي تاخده عبير بنت عمى.

رغم عبير مريضة اكتر مني وماتت هي وماتت عبير وبقي البيت مريض حزين علي قلوب كانت عايشة فيه منتهى النقاء والصفاء والحب رغم كان آخرهم وده منتهى الرفاهية طبق فول وعدس أو لبن زير او عسل عود أسود وكل خميس نص صليبة من الطشت الزنك لأن باعة الكرشة في القرية كانت تضع الكرشة في طشت من الزنك.

لكن كانت سعيدة بكل شئ حتي رحل زوجها دون أن يمرض كانت تقولي عمره ما قصر في خدمتكم كان يسقي أرضكم في الليل قبل النهار بس كان بيحبكم بيت الألفي ويقول زرعهم بتاكل منه البلد والطير وأكثر ارض بتكيل وتدي محصول اخر السنة علشان زرع وارض مزكي عنها.

الله يرحمها لما ماتت كنت أنا في الجيش لم احضر موتتها ولا أنفذ وصيتها كانت تقولي أنا مش خايفه غير من ساعة نزولي جوة التربة والنبي تبقي تدعيلي وتقرا ليه قرأن أقولها هتعيش مائة عام.

لكن للأسف الشديد الميت بيحس بميعاد رجوعه لخالقه ماتت هي وعبير وبقي البيت لكن لما نزلت من الجيش عرفت أنها ماتت روحت جري علي الجبانات لكن مكنتش عارف تربتها فين جيت وسط الجبانات وقريت لها الفاتحة وآية الكرسي كما الوصية بس مكنتش واقف على رأس قبرها وبقي البيت سنين مليان فئران وتعابين وانا اقول بعد الغلابة المساكين بقي كله تعابين لحد ما في يوم عرفت أنه اتهد وتم البناء بخرسانة مسلحة وراحت الأيام وجت أيام

ودمتم

فراج الألفي

قد يهمك أيضا:

من حكايات الزمن الاصيل..”ضحك السنين” بقلم: نعيم الاسيوطي

حكايات .. معوض حلمي .. الفلاح الفصيح قراءة في ديوان .. ع الحصيرة

صدور كتاب.. حكايات عائلة الدمشاوي.. للكاتبة ابتسام الدمشاوي