عند باب البحر.. قصة / بختي ضيف الله المعتزبالله – الجزائر


يستهوي البحر كل محب للحياة وللجمال وللذكرى  ..

لكن حين تعبث الريح بأعصابه يغضب غضبه الشديد ، يضرب الصخر ليغيّر وجهه قليلا ، فيحتفظ بصبره كعادته.
– ما أقواك يا صخر .. ! ، تصبر في كل مرة ، تترك فتاتك للبحر ليصنع منه صورا جميلة تسكن خيال الشاعر والرسام والبحار ..
الكل يقول : ما أروعه..!
هكذا تقول تلك الهاربة من واقعها المؤلم والمر .

خرجت من باب الحياة لتبحث عن موت رحيم لا ألم فيه ، فاختارت هذا الأزرق  .

جلست في مكان تتعانق فيه كثير من الصخور والأمواج القوية التي لا تهدأ ، تتحين فرصة تكون فيه كرمية حرة ، لا يصرخ من بعدها أحد..

هيّأت نفسها ..
نظرت إلى السماء ، وقد ضاق صدرها ، ..سربٌ من الطيور يعلن الرحيل ، متجها إلى وجهة مجهولة ، ..تمنت لو كانت معهم ، تعانق الفضاء والمجهول..ولكنّ جروًا كان جائعا أفسد عليها تحليق خيالها واستمتاعها بالبعد عن الأرض.. يتألم  من  الجوع ، يبحث عن حبل للحياة يتدلى ، أو خيط منها يتجلى ..

تمنتْ نقطةَ نهايته..ولكن المشهد مؤلم يفوق نصابه.. لو تكلم الصخر لسبقه دمعه .. !!

نزلت مسرعة تبحث عن خبز وماء لدى الصيادين الذين كانوا ينتظرون هدوء البحر.
فكانت المفاجأة..كان من بينهم طليقها الذي بدأ في تعلم مهنة الصيد، ليعيد بناء حياته من جديد بعدما خربها بسكره وعبثه ..
..رآها في أروع صورة من صور الروعة والبهاء ، رغم ما لبسته من لباس اليأس والقنوط من رحمة الرحيم .

طلبها من أهلها من جديد ، عادا إلى بيتهما واحتضنا ولديهما الجميلين ، وصار الجرو  يعوي  محبةً لا جوعاً..

هدأ البحر ، وصار أنيسا لمن اعتلته همومه ، واحتضن كل القوارب ، ليطعم الناس من لحمه ..
 

اترك تعليقاً