سيدة البحر.. شعر: نور سليمان

سيدة البحر شعر نور سليمان

سَيِّدَة اَلْبَحْرِ
كَانَتْ اَلسَّيِّدَةُ اَلَّتِي تَجْلِسُ قُدَّامَ اَلْبَحْرِ
تُنْسَجُ اَلْأَحْلَامُ أَمْوَاجًا
وَأَسْرَابَ نَوَارِسَ
وَمَقَاطِعَ دَافِئَةٍ . . .
عَنْ اَلرَّجُلِ اَلَّذِي سَافِرٍ بَعِيدًا
وَلَمْ يَعُدْ بُعْدٌ
يَسْتَهْوِيهَا كَثِيرًا
أَنْ تَرْسُمَ عَلَى اَلرِّمَالِ خُطُوطًا
وَتَعَارِيجَ عَلَى هَيْئَةِ بُيُوتٍ
ثُمَّ تَعَوُّدِ فَتَمَسُّحِهَا . . .
تَتَحَدَّثَ فِي حَسْرَةٍ
عَنْ اَلنَّوْرَسِ اَلَّذِي تَابَعَهُ . . .
حَتَّى شَوَاطِئِ اَلْمُدُنِ اَلْبَعِيدَةِ
ثُمَّ عَادَ مَحْمَلٌ بِالْوَجْدِ .
وَعَنْ اَلنِّسَاءِ اَلْأُخْرَيَاتِ اَللَّوَاتِي
قَطَعْنَ أَيْدِيهُنَّ كَثِيرًا
تَحَمُّلَ بَيْنَ يَدَيْهَا غَيْمَاتِ اَلْوَحْدَةِ
وَسَمَاءَات اَلْفَقْدَ .
شَافْتْ رَجُلاً يُشْبِهُهُ
قَفَزَ فُؤَادُهَا اَلَّذِي
لَا زَالَتْ تَعْصِرُهُ فَيَنِزَّ خَيَالَاتٍ
لِرِجَالٍ مَرُّوا مِنْ خِلَالِ اَلسَّنَوَاتِ
اَلسَّيِّدَةُ اَلَّتِي تَحْمِلُ مِغْزَلاً
تُنْسَجُ بِهِ اَلْأَيَّامُ اَلْمَيِّتَةُ
لَازَالَ قَلْبُهَا يَنِزُّ دَقَّاتٍ خَافِتَةً
تَذَكُّرُهَا بِهِ
هِيَ اَلْآنَ تُحْصَى اَلْمَوْجُ
لَيْسَ لَدَيْهَا مَا تَفْعَلُهُ
سِوَى أَنْ تُحْصَى اَلْأَمْوَاجُ
اَلذَّاهِبَةُ وَالْعَائِدَةُ بِبَقَايَا اَلسَّفَرِ
كَيْفَ لِقَلْبِهَا اَلْوَاهِنِ أَنَّهُ مَا زَالَ يَتَذَكَّرُ
تِلْكَ اَلصَّخْرَةِ
اَلَّتِي كَادَتْ أَنْ تَقْطَعَا قَدَّمَهَا عَلَى اَلشَّاطِئِ
وَهِيَ تَجْرِي أَمَامَهُ
كَيْفَ حَمْلُهَا إِلَى أَقْرَبِ مَشْفًى
لِيُضَمِّدَ جَرْح قَدَّمَهَا
هِيَ اَلْآنَ تَحْتَاجُهُ كَثِيرًا
لِيُضَمِّدَ جَرْحَ قَلْبِهَا
أَرْبَعَةَ أَمَاكِنَ اِعْتَادَ أَنْ يَأْخُذَهَا إِلَيْهَا
مَطْعَمُ اَلشَّاطِئِ
وَالْحَدِيقَةِ اَلْمُجَاوِرَةِ
وَمَحَلِّ اَلزُّهُورِ
وَقَلْبِهِ اَلَّذِي تَسْكُنُهُ
حَتَّى اَلْإِطَارِ اَلْمَطَّاطِيِّ
اَلَّذِي كَانَتْ تَجْلِسُ بِدَاخِلِهِ فِي اَلْبَحْرِ
مَا زَالَتْ تَحْتَفِظُ بِأَنْفَاسِهِ دَاخِلَهُ
لَمْ تَشَأْ أَنْ تَفَرَّغَ اَلْهَوَاءُ مِنْهُ
حَتَّى يَكُونَ لَدَيْهَا بَعْضٌ مِنْ رَائِحَتِهِ
آهٍ مِنْ لَوْعَةِ اَلتَّذَكُّرِ
اَلْبَحْرِ مَازَالَ يَذْكُرُهُ
كُلُّ يَوْمٍ يَلْقَى إِلَيْهَا بَعْضُ اَلْأَوْرَاقِ
وَبِدَاخِلِ رِمَالِ اَلشَّاطِئِ
عُمُلَاتٍ نَقْدِيَّةً وَوَلَّاعَةَ سَجَائِرَ
وَمَفَاتِيحَ
وَوَرْدَةَ ذَابِلَةً
تَظُنُّ هِيَ أَنَّهَا لَهُ
يَا لِهَذَا اَلصَّقِيعِ
اَلصَّيْفِ عَلَى وَشْكِ مُغَادَرَةِ اَلشَّاطِئِ
وَلَفْحِهِ صَقِيع تَأْخُذُهَا إِلَى هُنَاكَ
اَلْمَطْعَمَ اَلْمُجَاوِرَ لِلشَّاطِئِ
. كَانَ يُقَدِّمُ لَهُمْ فِي أَوْفَاَتُ اَلصَّقِيعُ هَذِهِ
طَعَامٌ سَاخِنٌ
وَمَشْرُوبٌ سَاخِنٌ
وَقُلُوبٌ دَافِئَةٌ
بَعْضَ اَلْمَحَارِ مَعَ حَسَاءِ اَلْأَسْمَاكِ
وَعُيُونِ تَرَقُّبِ اَلْوَجْدِ
وَوُرُودٍ كَثِيرَةٍ مُوَزَّعَةٍ بِانْتِظَامِ
عَلَى فُؤَادَيْهِمَا
يَظَلَّانِ هَكَذَا حَتَّى اَلسَّاعَاتِ اَلْأُولَى مِنْ اَلْفَجْرِ
ثُمَّ يَخْرُجَانِ مَعًا
يَطْوِينَا اَلْوَقْتُ
مُحَمَّلَانِ بِكُلِّ اَلْحِكَايَاتِ
تَجْلِسُ قُدَّامَ اَلْبَحْرِ
تَحْكِي عَنْ رَجُلٍ شَارَكَهَا اَلْأَحْلَامَ وَسَافَرَ
وَمَازَالَتْ اَنْقَاسَهْ تَمْلَأَ اَلْإِطَارَ اَلْمَطَّاطِيَّ
اَلَّذِي يَحْمِلُهَا إِلَى هُنَاكَ
لَمْ تَشَأْ بَعْدٌ أَنَّ تَفَرُّغَهُ مِنْ اَلْهَوَاءِ
حتى يعود
القاهرة نوفمبر ٢٠٢٣

شاعر وكاتب ومفكر مصرى _ رئيس النقابة العامة لاتحاد الكتاب فرع المنيا_ رئيس مجلس إدارة مجلة " مبدعو مصر" شاعر وطنى يدين بالولاء لجيش مصر العظيم _ وشرطة مصر القوية_ يكره الخداع والنفاق والكذب والرياء_ يحب النقاء والصفاء والسخاء والعطاء_ يحب الخير للبشر والطير وكل الكون_ يحلم بالسعادة لمن حوله ومن بعيد عنه أيضا_ له مجموعة من المؤلفات الشعرية_ له مجموعات شعرية للأطفال_ له اهتمامات بالنقد السينمائي والمسرح ، مثل مصر في مؤتمرات دولية أدبية " حكمة يؤمن بها" _ من عقد النية على الفوز فلا ينطق بكلمة مستحيل.