**ذات ليلة** قصه بقلم : نهى محمود

أُزيح الستائر عن زجاج نافذتى الذى أعكف كل صباح على جعله شفافاً قدر الإمكان.. أُغلق جميع وسائل الإتصال بالعالم من حولى فى محاولة للنوم مبكراً -على خلاف العادة- .. أتلحف بالغطاء جيداً فلا يبقى منى سوى عينان معلقتان بالسماء باحثة عن نجم ساطع يقطع هذه الظُلمة..

يظهر ضوء باهر يُنير جزءً من السماء.. هل يمكن أن يكون…..؟؟ .. نعم إنه هو.. كم انتظرت تلك اللحظة التى سيُمكنه فيها مداره من المرور أمام نافذتى.. كان الأمر يستحق الانتظار لقد أتى فى أزهى أحواله .. فهو بدر..
نتوءاته تُشكِّل منظراً مختلفاً عما ألفته دوماً.. تُظهر وجهاً مبتسماً إبتسامة خفيفة.. كأنما من واجباته هذه الليلة إرسال شيئاً من البشاشة -لكوكبنا المُتسم بالوجوم – مع ضوئه البهى..

يهِّم بالرحيل.. فأبعث إليه بنظرة متسائلة: ألا يمكن أن تبقى مزيداً من الوقت.. فكم تمنيت أن أغفو وعيناي متعلقة بضوئك بدلاً من تلك الظُلمة الدامسة التى أظل فيها ضائعة حتى أُغادرها إلى عالم الأحلام..
هو: “لا أستطيع التأخر ولو لثانية.. فهناك آخرون فى انتظار مرورى”..

أراقبه وهو يتوارى سريعاً خلف تلك البناية الضخمة العالية التى تحجب عنى نصف السماء..
لحظات قصيرة ويختفى من مرمى بصرى تماما ويتسلل بعضاً من ضوئه من خلفها كأنما يلوِّح لى بأن.. إلى اللقاء..

يبقى شعاع وحيد منه يعبُر نافذتى متجهاً إليَّ ثم يتحول لبساط أبيض من الحرير فأسير عليه لأجدنى أسبح بين النجوم.. مجرات تملئ المكان تبعث ضوءً متعدد الألوان.. أتسائل من أى واحدة أتيت…. لم أعد أذكر..
حسنا على الأقل هل مازلت أذكر اسمى.. لا أعلم.. وهل كنت أمتلك واحداً..

يغلبنى النعاس فأبحث عن مكاناً للنوم.. هذه السحابة السديمية تبدو مناسبة.. أتمنى لنفسى أحلاماً جميلة.. ولكن هل هناك أجمل مما أنا فيه حقاً.. لم تعد سمائى مظلمة فهناك أضوءٌ شديدة السطوع ترسلها عوالم عديدة من حولى..

اترك تعليقاً