حوار مع الكاتب المصرى محمد أبو النجا

حوار مع الكاتب المصرى محمد أبو النجا

قام باعداد الأسئلة و أجراء الحوار

سامح سليمان

نرجو تعريف القارئ بشخصكم الكريم؟ ورحلتك مع القراءة ؟ وأهم أعمالك القادمة   ؟

أنا من مواليد بورسعيد 1983 وأعمل حاليا في مجال التوكيلات التجارية، وقد صدر لي رواية تحت عنوان “الباروني” عن دار نون، جرت أحداثها في مدينة بورسعيد وطرحتُ فيها أسئلة حول مفهوم الحياة والموت وتأثير خيال الإنسان على رؤيته لهذا المفهوم، برسم شخصيتين متناقضتين تماما.

وما جذبني في القراءة هو ميلي للسياسة، فأول كتاب قرأته كان للمفكر اليساري عبدالستار الطويلة وهو بعنوان “سقوط الحلم الشيوعي”، وأول رواية كانت لكاتبنا الكبير نجيب محفوظ وهي “الكرنك”، والتي منها انطلق اهتمامي بالأدب.

أما عن عملي القادم فقد تعاقدت على نشر رواية بعنوان “ذيل القرش” وهي تنتمي لأدب السجون، وعلى الرغم من اعتياد القارئ على واقعية هذا النوع من الأدب إلا أنه عمل يميل قليلا إلى الغرائبية، ولكن لم يحسم إلى الآن موعد وصول الرواية بين يدي القارئ.

س :  هل المثقف العربي عنصر فعال و مؤثر أم مؤدلج و متعال و ألعوبة في يد من يملك المال ؟

من الصعب تعميم اتجاه أو نوع مثقفي أي مجتمع في العالم، فالمثقفون دائما على خلاف، وكلا له فلسفته وتبريره إذا التصقت به صفة مما ذكرتها الآن، ولكن ما يظهر دائما على السطح هم الأقرب للسلطة، وذلك لأن السياسة في بلادنا العربية لها التأثير الأكبر على حياتنا ووعينا، حتى لو اتصفت بالجمود.

س : ما أهم قضايا المرأة العربية؟ وكيف يمكن حلها؟

إذا حذفت كلمة “المرأة” من سؤالك ستعرف الإجابة حتما، وحلها، فالقضايا العربية متمثلة في قيمة الإنسان، وليس في نوعه كما تحاول جهات عدة تصدير تلك الفكرة إلينا، ونحن ننقلها وراءهم دون لحظة تفكير، كما لو أصبح تابوت يحرم المساس به حتى لا تنبش في جذوره الحقيقية.

س : ما هي أهم الأعمال التي قد ساهمت في تكوين رؤيتك الفكرية والأدبية ؟

سؤال صعب لأن كل ما يمر على الكاتب خلال يومه له تأثيره الحتمي، ولكن حتى لا تعتقد في أنني أتهرب من سؤالك، فقد أحاول ذكر بعض الأعمال التي تشمل أيضا السينما، فأعتقد أن أفلام مثل:أرض الخوف، والزوجة الثانية، وما خرج من تحت قلم وحيد حامد، وتراءى أمام عدسة عاطف الطيب، كان لهم تأثير كبير على رؤيتي، ناهيك عن أفلام عظيمة من سينمات عديدة كالأوروبية والأمريكية والأسيوية وغيرها. وكان للكتاب تأثير كبير بالطبع، أتذكر مثلا: الحرافيش، مئة عام من العزلة، قرية ظالمة، العمى، ومن المؤكد هناك قائمة طويلة.

س : هل تكونت لديك رؤية واضحة لمشروعك الفكرى و الأدبى ؟

بالتأكيد، فعلى الرغم من وجود رواية واحدة فقط لي بين يدي القارئ إلا أنني كتبت أربع روايات ومجموعة قصصية، ناهيك عن أعمال سينما أخرى، وذلك في اعتقادي كان كافيا لتحديد مشروع خاص بي: أرى أن العولمة وتأثيرها على الإنسان المعاصر هي ما تستحوذ على اهتمامي الأكبر، حتى لو لم يتضح ذلك في أعمالي بشكل مباشر، فلقد كسرت العولمة مفاهيم وبداهيات قام عليها الإنسان فغيرت في معرفته ومفهومه حتى ذائقته.

ومع استمرارية الكتابة وجدت قلمي يمرح بين العوالم العجائبية فأعتقد أو بالأحرى أتمنى أن أتناول موضوعاتي من خلالها بشكلٍ أفضل من الواقعية.

س: لماذا تدور أغلب الأعمال الأدبية العربية فى فلك العلاقة بين الرجل والمرأة ؟ وهل أنت ضد مصطلح الأدب النسوى ؟ وما رأيك فى المنتج الصادر عن الأقلام النسائية فى الوطن العربى ؟

أعتقد إننا خرجنا من ذلك الفلك، وإذا كان التركيز الأكبر عليه بوعي أو دون، فيرجع ذلك لميل المواطن العربي للعاطفة.

أنا لا أحب المصطلحات في الأدب عموما، ولكني أستخدمها مضطرا لتوصيل وجهة نظري سريعا لمن يحاورني، فالمصطلحات خلقها النقاد لحاجتهم في صنع قوالب تمكنهم من ترجمة رؤية المبدع، وتصنيفه لفهم مشروعه، أما عن مصطلح “الأدب النسوي” فأعتقد أن معتنقاته يسعين للإنتماء لدائرة تميزهن ليس إلا، ففي اعتقادي أن الأدب قد وُجِد للإنسان، حتى يرقى به لدرجة لا يرى فيها أنواع ولا ألوان، فكيف تبني مصطلح أدبي على نوع إنسان؟!

أما عن المنتج الصادر من الأقلام النسائية فطالما وجدت عمل لا ينساق لتلك المصطلحات فأنا لا أنظر للقلم باعتباره نسائي أم لا، فمن استطاعت الخروج من تلك الدائرة باستطاعتها المنافسة والتجديد بصرف النظر عن أي  شئ آخر.

س : هل أنت مع أم ضد الكتابة بالعامية و لماذا ؟ هل يجوز كتابة السرد بالعامية ؟ هل كتابة الحوار بالعامية تفسد الذوق العام ؟

أنا ضد كتابة السرد بالعامية، فأرى بالفعل أنه يفسد الذوق العام، فمن فوائد القراءة تطوير اللغة، أما الحوار فموضوع العمل ما يحدده، فلقد كتبت حوار لعملين بالعامية، لأن العمل فرض عليّ ذلك.

س : هل أنت مع أم ضد المعالجة الأدبية و الفكرية للتابوهات ؟

ما يفرق عين المبدع عن غيره هو رؤيته للمألوف غريب، ولا تتوقف نظراته عند سقف أو جدار، وبالتالي فإذا كُتب كل ما هو عادي فلا هو بالإبداع ولا المسلي، ولكن خلافي هنا مع من يتعمدون كسر التابوهات لصنع البلبلة فهم يتناولونها بفظاظة وليس برؤية فنية، فثمة من يكسر تابوهات عدا أن أسلوب تناوله يؤهله لتوصيل ما يحتاجه دون المباشرة الفجة، التي لا يستسيغها في ميوله الفنية.

س : ما هى أهم المعوقات التى يصطدم بها الكتاب الشباب ؟ ما هو تقييمك لظاهرة الأكثر مبيعاً ؟

أهم المعوقات هي الدعاية، فلابد لكل كاتب أن يقوم بعمل الدعاية لنفسه، وبدون الدعاية لن يصبح من بين كتاب الأكثر مبيعا، وبالتالي فلا أبشره بسهولة النشر كما يعتقد كل من خارج كواليس هذا الوسط، إن ظاهرة الأكثر مبيعا هي واحدة من الظواهر الناتجة عن العولمة، والرأسمالية التي ثمّنت كل شئ.

س :  هل ما هو رائج الآن من قصة و شعر ورواية يعبر عن الإنسان العربى و أزماتة و صراعه مع ضغوط الحياة ومع ذاتة ؟

هناك أعمال تعبر عن ذلك ولكن ليست الرائجة.

س : أيهما أكثر قدره على التعبير و التواصل مع القارئ الرواية أم القصة القصيرة ، و هل أنتهى زمن القصة القصيرة ؟

بعيدا عن المقارنة بالقصة القصيرة فالرواية هي الجنس الأدبي القادر على احتواء جميع الفنون، ولكن لا أعتقد أن للقصة القصيرة زمن لينتهي، فسرعة الحياة سوف تستحضرها للساحة من جديد، كل ما في الأمر هو تكثيف الدعاية لها كما هو حال الرواية.

 

 

 

 

اترك تعليقاً