((تراتيل عم حنفي))   قصة قصيرة \ هيثم رجب

 

  حين يظهر بطولة الفارع,ولونه الأنجلو سكسونى وشعرة الذهبي المضفَّر بخصلات فضية وخلفه عربة تبدو متماسكة إلي أقصي ما يمكن أن تظهر به أمام الناس ,يجرها حصان مصاب بداء الكبرياء ,لا نستطيع الاقتراب منه ,وقتها نجتمع ( أنا والعيال ولاد الأيه ) من حوله نحاول جاهدين إثارة غضب حصانة , وهو في الآخر يقف شامخا وناظرا إلي السماء رافعا يده حول أذنه وبصوت يدب في كل شوارع البلدة يسد شقوق الجدران المتصدعة ,يتلو إحدى ترانيمه الغجرية التي لا يفهمها سوى هو ونحن.

   وقتها أسرع إلي البيت لأخبر أمي بقدومه,أعود إليه بنفس السرعة , أعطيه حفنة من (الرَدَّة ) ليعطيني حفنة من الملح , ومرَّة أعطيه عشرة قروش ويعطيني حفنة من الملح ,ومرة لا أعطيه شيئًا ويعطيني حفنة من الملح وهو مبتسمٌ مدركٌ حجم الخسارة التي يتكبَّدها وحجم العشرة قروش التي تملأ جيبي.

يغيب عم حنفي ونحن ننتظر قدومه وهو لا يأتي ونحن مازلنا ننتظره , وفي النهاية نجتمع أنا و(العيال ) أقف في أوّل الشارع أرفع يدي حول أذني وبصوت أشبه بصوته أتلو إحدى تراتيله الغجرية وقتها تفتح الشرفات والأبواب المغلقة علي لاشيء ,تعلو عبارات الاستهجان ومعها تعلو( قهقهتنا) ثم نهرول بأقصى درجة ممكنة.

يغيب عم حنفي , وتكثر الشائعات حوله مرّة مات ومرّة هاجر ومرّة أصبح ثريا إلّا أنّه مازال مختفيا ونحن وقتها تملؤنا الأيام التي وصلت بنا إلى حدِّ أنّنا لم نعد ننتظره أو حتى نتلو تراتيله التي كانت تملأ مجالسنا بالحماس.

اترك تعليقاً