الحــداثة ولعبــة اللغـــة قراءة فى ديوان ” النخلات ” لكمال كوكب بقلم د/ شعبان عبد الحكيم محمد

بسم الله الرحمن الرحيم

الحــداثة ولعبــة اللغـــة

قراءة فى ديوان ” النخلات ” لكمال كوكب

 د/ شعبان عبد الحكيم محمد

-1-

كمال كوكب شاعر متفرد ، له صوته الخاصه ونهجه الحداثى ، فالحداثة تعصف بكل معهود ،وأول أداتها اللغة ، التى هى حجر الزاوية فى التشكيل الإبداعى ، ويقوم النهج الحداثى على تفتيت العلاقة ما بين المفردات ، وشحن هذه المفردات بدلالات جديدة من خلال الإسناد الجديد لمفردات اللغة ، وهنا تأتى إشكالية الدلالة ، التى تنحرف عما هو معهود عليه ، وبداية من عنوان الديوان ” النخلات ” والتى لم ترد هذه المفردة كعنوان لإحدى قصائد الديوان كما اعتدنا فى دواوين الشعر ، ولم تستحوذ على مجموعة قصائد فى دلالاتها ، كما عهدنا فى قصائد بعض الدواوين ، تدور فى فلك دلالة ما ( كمجموعة قصائد غزلية ) فيأخذ الديوان عنوانا تعبيرًا عن هذه الظاهرة التى تستقطب الديوان ، كأن يطلق الشاعر على ديوانه ” قصائد غزلية ” إذا كانت مجموعة قصائده تدور حول هذا الملمح الشعرى ، وعناوين قصائد الديوان تؤكد رؤيتى ، فقد جاءت دون استقطاب مفردة ” النخلات ” ودون حمل عنوان لإحدى قصائده بهذه المفردة ” النخلات ”  وقد جاء الديوان فى  تسع قصائد   تحمل هذه العناوين : هذه البنت من أجلى  ، طعم السواد ، ويبقى المشهد الأبدى واضح ، حبيبتى  ، لكنه ، ربما ، فردوسان ، تمهلوا ، الفكرة ، يا بنى ، ” فطوم “

هذا هو الخداع الفنى المكسو بدلالة الإيحاء ، فالقصائد فى مجملها تحمل فى أعماقها عطاء يشبه عطاء النخيل فى قيمته ، وفى عدم انتظاره المقابل ، ومراوغة الدلالة فى النص تبدأ من أول قصيدة ” هذه البنت من أجلى ” لا نجد فيها غزلا بصورته المعهودة ، ولكن نجد ابتهالات عاشق فى عينى محبوبة ، و قد تكون المعشوقة المحبوبة الأنثى ( البنت ) أو البعيدة ( الوطن ) يتأمل فى عينى ( الواحية العينين ) وتشعر أنه على سفر ، فيأتى تأمله آسيًا حزينا ، مع ممارسة لعبة اللغة فى شحنها دلالات جديدة ، يقول :

عيناك يا واحية العينين

معتقل من الفردوس

قطتان على بابى الجبلى

الخط الحديدى

ما كان اليوم أملسا

طيب القلب

القط المشمشى

الذى يهوى الفلك

ما خاف كلب الحراسة

وامتطى أسيوط

أسيوط كانت وردة الناصرية

الضوء الصعيدى

 الذى جلس يحتسى

كأس الخميس …إلخ .

فالشاعر يعبر عن حالة من الفقد والتأمل  من خلال معجم يحمل ألفاظه دلالات غير معهودة ( معتقل من الفردوس ، عيناها قطتان ، القط المشمشى يهوى الفلك ، امتطى أسيوط ، أسيوط وردة الناصرية ، كأس الخميس ، يحصى شعرك العربى ، ونايات بابل )  صور متفرقة ، لا يجمعها سوى شعور الفقد والبعد ، فهو على سفر ، يتأمل فى جنبات المحطة ، ويتذكر كأس الخميس عله ينسيه بعد الواحية العينين بأشياء كثيرة هذا البعد قد يكون بعدًا ملموسًا عن حبيبته المعتادة ، وقد يكون بعدًا وجدانيًا عن المحبوب الوطن …إلخ .

هكذا تجد النص يرهق الناقد للولوج إلى أعماقه والوقوف على دلالته ، والتى يوحيها النص إيحاء ، ليؤكد لنا فى نهاية ما يعتريه اللهم إلا شوق مسافر ، يتأمل فى عينيها الموحيتين بكثير من الأشياء ، يقول :

وما أفزع القط

المسافر فى خريف العشق

إلا نباح الوقت

وباب آخر للسفر

ويعزف الكاتب على إيقاع حب المحبوبة ( الحب الملموس ) وحب الوطن ( فى الأعماق يكمن ) فى قصيدته طعم السواد ، نستشف هذا استشفافا فى نهاية القصيدة ، معبرًا عن شوقه وحبه ، فهو لا يحب لون السواد إلا فى علم مصر وفى كحل عينىّ المحبوبة ، يقول :

يروح من نظرتين

يبين الوقوف

وعرجون رمش الوصول

إلى وجنتيك هلالان سود

يضيئان لون البياض

أحببت أيضا لون السواد

فى علم مصر

وفى كل كحل جفن

وفى لون رمش

وفى شعرك اللايحب القيود …إلخ .

قصائد الشاعر فى الديوان تأخذ طابع المناجاة ، ولكنها مناجاة ذات طعم خاص ، مناجاة هامسة ، لا تبوح ولا تصرح ، حب دفين فى الأعماق للمحبوبة (الأنثى ) وللمحبوبة ( الوطن ) يجنح – أحيانا – إلى نهج الصوفى فى رحلات الوجدان الصافية ، رحلات السكر والهيام ، للوصول إلى مرحلة الفناء ، الفناء فى المحبوبة ( الأنثى ) وفى المحبوبة ( الوطن ) يقول :

ما بين شغل المحبِّ

وما بين سكر الكلام

ما بين رؤيا إلى وجنتيك

تتيه المقاصد

ما بين سُكر الحروف

فكان اتساع الورود لحج العيون …إلخ .

ورغم تحفظ الصوفى فى عدم البوح بحبه ، ولكنه تصدر منه تهويمات وكلمات مراوغة فيها اللبس ، فالعاطفة شىء لا يحدُّد ، ولا تُحجم بكلمات عن الحب والغرام ، كذلك الشاعر يفصح عن هذا الحب ، ومع إفصاحه يدمج بين هذين الحبين : حبه للمرأة وحبه للوطن ، ويتمنى أن يكون أولهما امتدادًا له الثانى ، لتفصح له المحبوبة عن هذا الحب ، الذى يعشق نغمة قيثاره فى عزفها الشجى ، نستشف هذا فى قوله  :

كونى صباح العروبة

كونى كمصر

ثورى على الصمت

كونى كحرب وسلام

أحببت لون السواد

لأنى عبرت سوادا إليك

سافرت ليلا

……

هدئينى رويدًا

أمام عينيك لا أستطيع الصمود

فرويدا … رويدا

هكذا يسنمر الشاعر فى التغزل بالمحبوبة  الأنثى وفى صورة تلميحية ، نجده فى قصيدة ” ويبقى المشهد الأبدى واضح ” وهنا نجد مفردة النخلة تلازم الشاعر هنا ، فيجعل من سحر عينيها رقة وهمسا ” كميل النخيل “…. لنرى فى معجم الشاعر النخيل ن النخل ، الرطب ، العرجون

 لعينيك ميل النخيل

وشفق الرمال

وما يفعل القلب غير الجوى

ويتوالى معجم الشاعر مستخدما مفردة ” النخيل ” فى تشكيل بنية النص للتعبير عن جمال ورقة المحبوبة :

يا رطب حبات الحجاز

يا مليكى آتنى ما تشتت من قوى

تود إذ تمشى إلىَّ ما تشتت من قوى

يسيل العشق من درء إلى درء

كى ما يشغل الخد…إلخ .

المرأة والنخلة هذا التعبير له جذوره التراثية لقول الرسول (ص) أكرموا عمتكم النخلة ، بيد أن الشاعر فى رسم لوحته الفنية يستحوذ الصحراء التى ينبت فيها النخيل ، فالصحراء رمز الطهر والخلوة الصادقة مع الله ، لذا جاءت نباتاتها وسهولها ورمالها لها طابع القداسة والصفاء، وما أبهى مشهد النخيل وقت السحر ، مشهد حالم جميل ، يصعب القبض عليه ، كما يصعب القبض على المحبوبة البعيدة ، والتى جاءت ليتغنى بحبها ، لتلهمه قصائد الوجد والغرام ، وكذلك الوطن ، يلهمنا حبه الغناء والإلهام والشعر :

 وما يعرف النخل طرح الحصاد

ولا يعرف العشق لون الدجى

يا ليت أنا وحدنا

إنى استلمت الريق من واحات بلدتنا

ويا أنت يا رجفة السنطات

عندما أنَّت المليحة فى نخلات واحتنا

أنت المليحة

فيا ربى إنى لا أملك الأمر

كلما حاولت بعدًا

يضيع الأمر

كما دوما سدى

-2-

فى قصيدة ” حبيبتى ” يصرح بالمحبوبة من عنوان القصيدة ، ويمزج بين المحبوبتين ، وتتشكل الصور الفنية من خلال هذا المزج ، المحبوبة والوطن كلاهما محبوبان جميلان معشوقان فيهما الدفء والحنان ، فيهما الراحة والطمأنينة والسلام ، عبر عن الطمانينة والراحة بمفردة ” الحمام ” التى هى رمز للسلام ، وهنا يجده الشاعر فى نيل مصر  :

إن الحمام

من رحم السلام

من فيض نيلك

يعلو الحمام

يطير اليمام

يزيل

من وجه مصر

ظلاما كثيفا

وتنحرف الدلالة هنا وتتجه نحو المحبوبة الثانية مصر ، ليتغنى بثورتها ، متجاوزًا ألم الماضى فى بعض صفحاته المؤسية ، ويتغنى بالميدان (أظنه ميدان التحرير ) مشبها الثوار بالعصافير لتكتمل الأداة الفنية فى تشكيل الصورة من مفردات الطبيعة والحياة ،فالعصافير تتصف بالصفاء والعلو وبحلمها الجميل النقى ، يقول :

إن العصافير فى الميدان

تصنع صنعا ثقيلا

إليك يا مصر

يا كل النساء

يا جنة الأرض         

كانت العصافير أسودا

العصافير تزأر تزأر

تفج

 زمن الدهر

من القهر

ويتوالى التغنى بها فى أسمى معانى وقيمة هذا البلد ، وهنا تظهر التقريرية والمباشرة التى نأى الشاعر عنها فى كثير من قصائد ديوانه ، ويتحول البث الشعرى إلى التوجه إلى الوطن ذاكرًا محاسنه ومعالم عظمته :

وخير أجناد الورى فيك

أشهد أنك أحلى النساء

وأطيب أرض وعذب

لك الحبا

فشدى الوثاقا

أمدا بعيدا

ويتفنن الشارع فى إكمال المشهد الشعرى من وقائع التاريخ ، رافضًا صفحات الخيانة ، والتى يرى من وجهة نظره أنها اكتملت فى مشهد شنق صدام ( بفعل هؤلاء الخائنين ) فالشاعر يرفض الخيانة أية خيانة كانت ، تهدم هذا الوطن وكيانه ، فينحرف التشكيل الشعرى من التشكيل غير المباشر إلى الكلمات المحددة التى تحسم الدلالة فى وضوحها ، فيلجأ إلى الجمل الاستنكارية لإدانة هذا الفعل ، رافضًا الفعل الخائن الذى ادى لقتله :

أيادى جهلنا

أيادى قتلنا

للجمع

وللوحدة

فمن قتله ؟!    

-3-

فى قصيدة ” تمهلوا ” تتوارى المحبوبة ( الأنثى ) وتستحوذ المحبوبة (الوطن ) على مسرح القصيدة ، رابطًا بين هذه المفردة و مفردة النخيل ، ويأتى عنوان القصيدة – أيضا – أول عتباتها ، مهدئا من يستعجل صحوة الوطن ، مفصحًا عن الجهد المبذول  ثمن هذه الصحوة ، وقيمة الثمرة المرجوة بعد قطفها وجنى ثمارها ، يصور كل هذا بمن يرتقى جذع نخلة ليأتى بثمارها الجميلة ، فلابد ان يتحمل وعثاء الصعود ، وهول المغامرة ، كذلك الوطن ، من كان يريد عزته وارتقائه لا بد من التحمل للارتقاء ، يقول :

تمهلوا

للنخيل الجنبات شوق

يأخذ النخَّال فى عز العلو

فيصعد النخَّال فى  شوق النديم

ناسيًا الأشواك

للأخذ الجميل

يقدم القربان

سيلا من دماه

قصيدة ” الفكرة ” عنوان القصيدة يشى بفكرة للكاتب التغنى بتاريخ مصر ، هذا التاريخ يختزله الشاعر بعهد عبد الناصر ، وفيها هجاء لقوى سياسية ضد النظام المصرى أعتقد أنهم ” الإخوان المسلمون ” وهذه القصيددة تنحرف عن القصائد السابقة التى دارت فى محورين : التغنى بالمحبوبة ، والتغنى بالوطن ، وأنهما كالنخيل علوا وعطاء وقيمة وجمالًا ، ولكن الشاعر فى هذه القصيدة لجأ إلى المباشرة والتقرير ، وغلب عليه تحمسه واتجاهه السياسى ، ولو كان الشاعر قد ظلَّ فى نهجه الذى يعتمد على الإيحاء والتلميح لكانت القصيدة ذات قيمة فنية أكبر مما وجدناه ، فالشاعر يتخيل جلوسه مع شيخ من شيوخ مصر الطيبين ، ولا أدرى لماذا جعل الجلسة تحت نخل الحجاز : جلسنا سويا تحت نخل الحجاز

وجعل الشيخ صعيدى واسمه ” جمال ” واسم جمال له رصيده السياسى والوجدانى فى ذاكرتنا ، واصفًا له بصفات تنطبق على جمال عبد الناصر  :

الشهامة والكبرياء ..

كان يحكى كثيرا

وبسمات شيب الزمان

تظل لخمسين عاما

والشاعر كصعيدى أطربه الحكى من هذا الشيخ الصعيدى ، ويستدعى موقف الإخوان منه ، فى معارضتهم له ، ومحاولة قتله كما ذكر التاريخ ، واصفًا إياهم بالجهل وعشق الظلام :

عشقوا الظلام سبيلا وفكرا

والذل طعما متعا لجهل

كل الولاء

تريدون مصر

حكما طويلا

مكانا لسكن

تريدون سكنا يضم الرقيق

ولعل فى كلمة الرفيق إشارة إلى كلمة ” أخ ” وهو اللقب المحبب عند الإخوان ، وإن اُسْتِخدم  لقب  ” رفيق ” بين الشيوعيين ، فكأن بالشاعر – هنا – يصفهم بأنهم لا يقترقون عن هؤلاء فى فكرهم ، وبعدها يستمر الشاعر فى توبيخ هؤلاء ، ودحر فكرهم الضيق ، وتصورهم اقتصار الوطن عليهم ، رافضًا هذا :

ومن ضد كان عميلا

لأى جهات وأى كلام من الجبناء

خلقت كما شئت حرا

أترضاه نهجا؟!

أتمسى جسرا ورقًا وحبرًا ؟!

لخارطة الجهلاء

وتستمر القصيدة على هذا النهج من التقرير والسرد لأحداث الواقع ، رافضًا موقف الإخوان وقيادتهم للبلاد ، ومشيدًا بثورة ثلاثين يونيه ، متوجهًا لقائد هذه الثورة بالخطاب المديحى ، فقد منحته البلاد الثقة و حملته المسئولية القومية ، والتى تحملها بشجاعة دون تراجع ، أو تهاون :

هو الشعب غنَّى بطيب النفوس

أعطاك منح الأمر بعد الله منزلة

وأن ما تحمله كان بنصر الله وتأييده ، وأنه كان عند حسن الظن والثقة :

قد أعطاك جوهرة وروحًا للدنا

كان صوت الله دليلا إليك / دليلا عليك

وتأبى الخضوع

ويصل المديح إلى وصفه بالنمر وبالنسر الذى يصنع المستحيل :

كنت

نمر التمرد والانقضاض

كنت نسر المحال

وقد أضاعت التقريرية جمال القصيدة ، وتحولت إلى تأريخ راصد لأحداث الثورة ، منددًا بجهل الإخوان وغبائهم ، مادحًا لقوى الشعب الذى أضفى على الثورة شرعيتها ، واصفًا الإخوان بموالاتهم لقوى خارجية ، للتدخل فى إرادة الشعب وقرار البلاد :

من الشعب شرع قوى الجوانب

بسيط الحياة وصعب المنال

كشرع الغاب نهجكمو

شريعتنا شريعة شعب

أوراق عز

تنادون من ؟!

جيوش التتار وكل الكلاب

أناس العداء ؟

تنادون حربا أنادى بلادى

تنادون من ؟

تنادون شرا لجيش كريم

لشعب الإخاء ؟!…إلخ .

وإن كنا نحترم رأى الشاعر ولكن الشعر إبداع قبل أن يكون سجلًا للتاريخ ، وقبل أن يسجل أحداث الواقع ، ناهيك عن المباشرة فى أوصاف  أعتقد أن الإعلام كان سببًا فى صنعها لترويجه اللامحدود لها.

وفى قصيدة ” يا بنى ” يتواصل فى تقريريته ، ليتحول النص برمته إلى تقرير على لسان مصر إلى أبنائها ، متحدثة باسم مصر ، و تذكرنا هذه القصيدة بقصيدة ” مصر تتحدث عن نفسها ” لحافظ إبراهيم  ، تتحدث مصر عن نفسه  أرض الخصب والنماء ، أرض الإباء ، وأرض العدل والعلم اللذين محيا ظلام الحياة ، أرض الثورة على الظلم والظالمين الطغاة  :

محوت أرض البور

علوت خصبا وتاريخا وعشقا

……

وإنى الأبية فوق كل الخادعين

أعشق الابن  ال  يثور القاهرين

يصنع المجدا

وغنى من النيل أغنى خضرة الأرض

وتعريف الفعل قاعدة نحوية غير معهودة ، استساغها الشاعر مرتين فى ديوانه بدون مبرر ، وبعدها يصور مصر غاضبة لما أحلَّ بالبلاد من ضعف وفرقة ، وهنا يتوجه الخطاب من الشاعر إلى مصر ، وفى صورة تقريرية حاكيا عن تاريخ مصر الذى يثبت النهضة بعد السبات ، والثورة بعد الهمود ، وقد كان  :

لا تغضبى يا مصر إنك

بالفعل أم للبلاد

انت العظيمة دائما

فى الروح بل جوف الفؤاد

وسنون الدهر تحكى للزمان والبنين

هذه هى مصر الأبية فوق كل الخادعين

وترى النيل يغنى غنوة المجد المبين

فاعتصموا للخير جمعا

وارفعوا عنى الأنين

وإذا كنا لا نستريح للتقرير فى الأداء الشعرى ، ففى الوقت نفسه لا نستريح  لانغلاق النص ، حيث الضبابية ، والمعجم الشعرى الذى يفتقد التواصل مع مفرداته ، مما يؤدى إلى انبهام الدلالة ، نجد هذا فى قصيدة ” لكنه ”  والتى تُبنى على تهويمات يصعب الولوج إلى مقصدية القصيدة ، حين يقول :

نخل

أرضعته النواميس الفاتحة

وجمّ الموسيقى الطيبة

الجسد لك

توغل

واطرح

مناهل

وملائكة ساجدين وحامدين

…. الجسد لك

رغما

الأشجار ستطرح ريحًا

وخناجر

وقنابل قهرًا

تسيل الدموع

وما علمتنا النواميس القطيعة

القطيعة

النخل الذى أرضعته النواميس ، وجمّ الموسيقى ، وكلمات الابتهال الصوفية : الجسد لك بدلا من الملك لك ، لا نعرفها موجهة لمن ، وعلام تدل ، والملائكة الساجدين الحامدين !!!! والأشجار التى تطرح الريح والخناجر والقنابل ….تتبع دلالة النص بهذه الصورة المغيبة لا تروق القارىء الذى يطلب الاستمتاع بالنص بعد فهمه وتذوقه .

اترك تعليقاً