الشاعرة / ريم فرحات ابو ريا
فلسطينية من سخنين ,معلمه وام لثلاثى ابناء معلمه
عضو رابطة عزف الـأقلام العربية
عضو رابطة الـأدباء العرب
مطبوع ورقي ( شموخ البيلسان )
حارة سعيد – قصة قصيرة
كان يلعب مع اترابه الصبيان في ” حاكورة الحاره” وصياحهم يعلو في الفضاء ,فتطل أم حاتم صارخة بأعلى صوتها :
” إنضبوا في بيوتكم ما في أهل يربوكم ؟”
يقهقه سعيد ويركل الكرة الى أعلى، وغبار الحاكورة يتطاير من تحت قدميه. استمرت المباراة لمدة نصف ساعه هذه المره قبل ان تطل ام حاتم، ودلو الماء يتراقص بين يديها من شدة الغضب و.. أوبّا ! تبلبل سعيد على حين غفلة ، ولم تنته العلقة هنا ، فقد أطل أبو حاتم ” سبع البورمبا ” كما يلقبه الصبيه وهو يلوّح بحزام بنطاله مهددا بأعلى صوته :
” والله يا قرود إن نزلت لأنسيكم الحليب إللي رضعتوه” وقد زاد التلويح ب” القشاط” ، وكأنه على وشك الدخول إلى معركة أحد . نزل الدرجات مسرعا وأحدى يديه تمسك بالسروال خوفا من ان يسقط و ” يتبهدل” بعد أن نزع الحزام منه ,وقبل أن يصل الدرجة الأولى كانت أرجل الصبية تسابق الريح هربا من سطوة غضبه .شعر بالانتصار، ومسح على شاربيه وهو يختلس النظر إلى أم حاتم في الشباك العلوي ، وكله زهو ورجولة ؛ فقد هرب الأولاد خوفا من جبروته إرضاءً لست الحسن والدلال أم حاتم والتي سترضيه كثيرا بعد ذلك .
أعاد حزام بنطاله، ودخل إلى حديقة بيته ليسقي شجرة البرتقال ؛ فهو يهتم بها أكثر من أي شيء في حديقته لأنها تحمل حبات شهيات . وكثيرا ما رددت أم حاتم أمام النسوه :
” والله قلتله لابو حاتم بخرها هالشجرة ، عيون الناس فارغة ”
أما الصبية فقد كانوا يراقبون أبا حاتم وهو يعتني بشجرته الغالية ,وهم يندبون حظهم الذي جعلهم من سكان هذه الحارة ، وقد بداوا يتفرقون كل الى بيته لأن المساء قد حل .
وساد تلك الليلة سكون غير مسبوق .
في صباح اليوم التالي أستيقظ أهل الحارة على صراخ أم حاتم وزعيق زوجها وهو يرغي ويزبد ويكيل سيلا من السبّ واللعنات على الحاسدين والحاقدين والغيورين الذين سرقوا حبات شجرة البرتقال
والتمت نسوة الحارة يهدئن من روعهما .
أما الصبية ، فقد كانوا يجلسون على صخرة في آخر حاكورة الحاره ، يخبئون الكرة بين أرجلهم ، يتهامسون ويضحكون .ورويدا رويدا، عادوا إلى اللعب وهم يوصون بعضهم البعض :
فلنلعب بهدوء .. ” مش ناقصنا مشاكل.”
مرت ربع ساعه ، وإذا بأم حاتم تطل غاضبة تصرخ :” أنضبوا في بيوتكم ! ما في أهل يربوكم؟ ”
وأبو حاتم من ورائها يلوّح بحزام بنطاله ” القشاط” مزمجرا :
” يا قرود ، لأنسيكم الحليب اللي رضعتوه.”
ونزل مسرعا كالبرق، وقبل أن يصل الدرجة الأولى ، كان الصبية يسابقون الريح هربا ، وسعيد يصرخ بهم:
” شباب ، شباب ، شباب ! بكرة شجرة الليمون