من مذكرات أستاذ جامعي.. بقلم: ا.د/ محمد موسى

“الحمد لله الذى عافاني من كثير ممن إبتلى به عباده المؤمنين”
وأنا في إنجلترا كان من بين عشقي في لندن متحف مدام توسو “متحف الشمع”، وكذلك “قاعة البرت هول”، وهي عبارة عن نصف كرة، وأدوارها متعددة ففي كل دور اوركسترا يعزف أرقى الموسيقى الكلاسيكية لعظماء الموسقين مثل جوزيف هايدن، فولفغانغ أماديوس موتسارت، لودفيج فان بيتهوفن ، وفرانز شوبرت ؛ وبوكريني ، كلمنتي ، سالييري ، جوسيك، ستامتز، كارل فيليب إيمانويل باخ، وجلوك بيتهوفن وشوبان وغيرهم، وكانت يومها التذاكر للحفلات تقطع لعشاق الموسيقى الكلاسيكية بالإسبوع، حيث كل يوم يمكن حضور حامل التذكرة سهرة لاوركسترا في أي دور خلال الأسبوع، وأعترف أن الكثير من ثقافتي عن الموسيقى الكلاسيكية وعن عظمائها، صيغت لي من تلك الحفلات الرائعة، أما متحف الشمع أو (متحف مدام توسو) فقد زرته مراتٍ عديدة، وقد يتعجب البعض لو قلت أنني زرته ما يقرب من ثلاثين مرة حتى حفظت أركانه، إلا أنني في مرة وأنا استعرض الكتب التي ترد كل أسبوع إلى لندن فى مكتبة إعتدت على ريادتها وتقع فى أول شارع اكسفورد، أخذ إنتباهي وشدني بقوة كتاب للكاتبه المعجزة هيلن كيلر (هذه الكاتبه هي صماء وبكماء وعمياء)، تعرفت على قصتها من صديق أمريكي معجب مثلي بالموسيقى الكلاسيكية، وعنوان الكتاب كان “لو منحني الله البصر 24 ساعة” لم أنم ليلتها حتى قرأت الكتاب كله، شدني فيه أسلوبها الصادق والغير مفتعل، ومما قالت فيه سوف أقيم فى الجامعات قسماً يسمى كيف تستفيد من عيناكَ، ليعلم الجميع فضل البصر ولا يجعل بعض المبصرين يهدرون هذه النعمة الغالية، والمذهل أنها وصفت في كتابها متحف مدام توسو بشكل جعلني أرى فيه جمالاً لم أراه بعيني أنا المبصر بفضل الله، ولكنِ رأيته بعين هذه السيدة (العمياء) وأضع هذه الصفة يين هلاليين ، مما جعلني أعيد زيارة هذا المتحف ثانيةً، ونفسي تحدثني سبحان من يمنح ويمنع ، ولا يعرف أحد من خلقهِ لماذا منح ولا لماذا منع ، وتذكرت الحكمة التي تقول أنه ليس كل من له عينان مبصر ، فهناك عيون تبصر ما يُرى وهناك عيون تبصر ما لا يُرى، هنا تذكرت الأمام علي رضي الله عنه وكرم الله وجهه، عندما وجد رجلاً أعمى ويده وإحدى رجليه مقطوعه من خلاف، وكان الرجل وبصوت عالي يقول ماذكرته فى مقدمة المقال، وتعجب الإمام علي وقال له مما عافاك يارجل فقال: ( الحمد لله الذى أعطاني لساناً ذاكراً وقلباً شاكراً وجسداً على البلاء صابراً ).
بقلم: ا.د/ محمد موسى

اترك تعليقاً