ليس في شُهرة النجم { هشام سليم } وتربي في كنف الأشهر { صالح سليم } ، حتي تنشر المواقع لحظة موته ولحظة دفنه ، ولا في ذيوع { القرضاوي } والنعيم الذي عاش فيه ، حتي تنصب له قنوات الإخوان سرادق عزاء بالساعات لتأبينه !!.
ولكنه شاعر ريفيّ جميل بسيط يشبهنا ، عاشق لبلده حد الهَوس ، مات في مستشفي حكومي مثلما يموت الآلاف من شعبنا كل يوم !!.
عندما تلتقيه يُذكرك بالرغيف الساخن ساعة خروجه من الفرن ، والذي في طعم الموال ، الذي في سِحر ضحكة أمه الفلاحة وهي تشوي السمك ، وتقوم من الفجر تعجن العجين ، وتعلف المواشي !!.
يُذكرك بالسريس والجعضيض والرِجلة والحَبَق ، وبالجبنة القديمة وبلاص المِشّ الذي يشغي فيه الدود ، وتناتيف القطن التي نستبدلها بالبلح والجوافة !!.
كانت ضِحكته تُرجّع شَدوّ السواقي وشجرة التوت والشادوف ، وفرحة الماء المُتدفق في الترعة ، وشِجار الفلاحين علي الدور ساعة الريّ ، ثم التحامهم لإخراج جاموسة وقعت في البئر !!.
عندما يحضنك في أول لقاء مُرحباً ، تتعجب ؛ وكأنكما التقيتما ألف مرة من قبل !!.
لا تستطيع أن تتخيله إلا مُرتديّاً جلابيّة وطاقيّة وسديري ولباس بدكة ، ويمسك بخيرزانة في يده ، يهشّ بها علي الأفكار الضالة ، ويستدعي بها صوره الشعريّة البديعة !!.
لم يمت صديقي { فتحي البريشي } حين وقع في ميدان الشعر ينزف مُخه ، ولكن الأرض التي أحبها وأحبته نادته ، فلبي نداءها !!.
فترحموا عليه جميعاً – أصدقائي ومُتابعيّ – وادعوا له بالرحمة ، وأن يرقد في سلام ، في حضن أمه الأرض !!.
في ذِمةِ اللهِ ما ألقَي وما أجدُ /
أهذهِ صَخرةٌ أم هذهِ كَبِدُ !!.
قد يَقتل الحزن مَن أحبابُهُ بعدوا /
عنه ، فكيف بمن أحبابُهُ فُقِدوا !!.
مأمون الشناوي