قصة قصيرة من المجموعة القصصية( خارج المقرر ) للكاتب محمد عبد الحكم حسن
يا عالم السر والنجوى، ثبّت قلبي على اليقين، وقني شر أعدائك، واخمد بلطفك ثورة عشق تؤجج فيّ، البنت التي كانت هناك عند الجميزة ترعى أغنامها، ترسل عينيها إلى جسدي العاري في الماء، وأنا ألتقط الثمار، تتعقبني خطواتها ولفح شالها الذي ترسله أمامي مغيظاً، ألقت أمامي فيض ثمار وقُلّة ماء ولبنًا وجسدًا شهيّا، قالت: لا ترهق نفسك باعتلاء النخيل ولسع الشوك ولعنة أصحاب الحدائق، هذه الثمارُ لك. واستدارت، وقد أفرَجَتْ ما بين شطري القصيدة، فانطلقتُ هاربًا، هذه البنت تتربص بى، من دلّها عليّ، ربما ذلك الهدهد الذي ينقر الأرض مستخرجاً رؤوس سلاطين ماتوا منذ سنين، كنت قد خطفت وليده عاماً أول، أعطيته لأمي فهمستْ له وطيرته بعيداً حيث قرية “شوشة”، والشيخ يزيح بيده السويعات الأخيرة وهيصة عيال، ويضع قدميه أمام سيارة تمر، يبعثر المقامات والأحوال على واجهة الريح، ما خبأه منذ سنين يضيع الآن: ” من كان عبد الظهور فهو عبد الظهور، ومن كان عبد الخفاء فهو عبد الخفاء، ومن كان عبد الله فهو عبد الله، إن شاء أظهره وإن شاء أخفاه “. هذا آخر ما ردده لطائر يحط على يده وفضاء تموت فيه البهجة.