موسوعة كتاب القصه العرب / الكاتبه : صالحه بورخيص

صالحة بورخيص
كاتبة
عضوة و محكّمة بعديد المواقع الإلكترونية.
نوع المشاركة: قصة قصيرة
العنوان : جانب آخر من الحياة
أخيرا انجلت الغيوم التي غزت سماء المدينة و توقّفت الأمطار بعد أن جادت بغيثها طيلة الأسبوع لتغمر خيوط الشمس الذهبيّة الأرجاء.
فوق السطح، بعثت ببصرها تستكشف الحيّ السكني الجديد، جمال الخضرة الناهضة من تحت ركام الشتاء، الفراشات تغازل عيون شقائق النعمان، الأغصان تتراقص على وتر زقزقة العصافير و سحر أناشيدها و بين هذا و ذاك نسجت الطبيعة زرابي بألوان قوس قزح تأخذ الأنظار.
مرّرت بصرها هنا وهناك، انهمرت بالبكاء، ترى إلى متى ستبقى تستأجر بيوت الآخرين؟
اختفى كل شيء أمامها ليصبح ضبابا لا ترى من ورائه إلا خيالات متراقصة، كلّ شيء أذابه الحريق الكامن بأعماقها، سوف لن ترى النور، سوف لن يتحقق استقرارها و لا أحلامها في ظلّ حالة الفاقة التي تعانيها.
حوّلت بصرها إلى الجانب الآخر من الحيّ، قابلتها قطعة أرض مسيّجة ابتلعتها الشُّجيرات التي تراكمت حولها و تطاولت، شدّت انتباهها خربشة على الحائط ، قرأت: أرض للبيع، لو كانت تملك المال لكانت من نصيبها.
فجأة توقّف التفكير و طغى الصمت، ما هذا الذي يتحرّك وسط الحشيش، هل هو كلب توسّد العشب هروبا من البرد؟
يا الهي… انه كهل ماذا يفعل في مثل ذاك المكان؟
محتْ كل الصّور السّابقة من مخيّلتها و بعثت ببصرها نحوه، كتلة همّ مترنّحة، ثياب ممزقة، أشعث أغبر، هل ما تراه حقيقة أم خيالا؟
لم يكن ضرب خيال بل كان مثالا حقيقيّا أرسله الله لها كي تعرف أنّ السعادة لم تكن أبدا أموالا ولا قصورا بل صحّة في العقل والبدن كفيلة أن تجعلك ترفل في ثوب السعادة رغم قسوة الحياة.
صالحة بورخيص/تونس

اترك تعليقاً