موسوعة شعراء الفصحى العرب / الشاعرة سماح البوسيفى

سماح البوسيفي

شاعرة تونسية

متحصلة على ماجستير البحث

اختصاص أدب عربي حديث

(المخطوط) أول إصدار شعري  صادر حديثا(2017)عن دار هن المصرية للنشر

 

المخطوط ديوان شعري أول مبني على سيرة النص الذي يتسع فيصبح حركة كاملة من النصوص تفكك العلاقات المهمة في الكتابة الشعرية فيصبح نظام الكتابة وأدواته جزء من عالم النص و نوعا من المساءلة والتقصي في فهم العالم الشعري للشاعر من متن الكتابة الى جوهر القضايا والصور التي تنبئ لا عن هواجس الشاعر وتطلعاته فقط بل عن عالم حركي وحسي وشعري داخل الكتابة والشاعر في آن واحد

المخطوط عالم الكتابة الشعرية بخيوطها الرقيقة من ادوات و بناءات وصور وتراكيب وهواجس ورؤى

هي الرؤية والرؤيا داخل الشعر بلغة مخاتلة تخاطب القارئ والشاعر والناقد وتهدم الجدار الصامت بين السلط الثلاث و تفككها دون ان تسقط أهم القضايا الفنية والشعرية للشاعر وهو يخيط عوالمه.

 

 

 

((ضجيج الخيال))

 

(1)

 

 

 

ليس هناك مرآة لأجعلك تشاهد وجهك وانت تنظر لوجهي،

لأن بيننا لغة أنظر إليك من خلالها ممتعا جدا ،

وتنظر لي من داخلك ضمة أو قبلة أو نصا،

أكتبُ من داخلي جملة،

أحتاج فيها فعلا، لأخدش صدرك، وانهش صمتك،

ولا اكتفي بالوصف من بعيد.

يخالجني فعل أول بائت ركيك ،

لم يفدني كثيرا في حياتي السابقة،

ولم أكتب به نصوصا حقيقية ظل حزينا لأنه لم يدخلني ،

وضعته على رفه السابق ،دون أن انظر في عيون كتاب آخرين

هم كتبوا صمتهم .وانا سأكتب لوحدي صمتى الغريب

أنظُر،

أستطيع أن أحرك التعبير من خلال جملة،

لحظة تفوهي بكلمة صغيرة، تختصر ركض العالم  سنوات ضوئية ،

فأعود بالمجرة خلفي،

و أنتظر التفاتة رحمة من رأسك لرأسي،

فتُخلقَ  المعاني كل مرة في  نص جديد

كثيرا ما يشتد الحراك بيننا في الاوراق

حين يتحول العرس الابيض الى مشادات لغوية

تبتدأ دوما المعركة  بلحظة حنو على رأس الورقة ،

هكذا نربت معا على رؤوس الكلمات،

هي شدَةُ أصابع فقط،

وينزلق الاحساس من صدري كثيفا  نحو صمتك..

عندها  فقط يتحول النص الصامت الى مقاتلات بين اللغة والمعنى

فيصبح المكان بأكمله شدة ورق،

حينها سيفتض الشاعر بكارة الصمت بفاحش كلام ..

فيتقاطر الدم أسود في الرؤوس و بين المفردات وحتى داخل الكلام

فتجلس اللغة كلها  عند باب النص فاتحة صدرها للمعجزات أشاهدُك

ترتفع من لغتي

كأن اللغة حينهَا

ضمةُ ،

صوتِك لصمتِي ..

 

(2)

 

*  طبعا …

حين كانت اللغة رابطا دمويا بين غرباء،

قررت أن أكتب لأتعرف إلى أبناء دمي،

الذين نثرتهم القصص والروايات و القصائد على أعتاب بيوتنا،

في منتصف أسرتنا،

بجانبنا  أفكارا،

حتى كنتُ في أغلب الحكايات بطلا مرافقا،

ومرات كنتُ أقتل  البطل٠

لأن البطولة حرب

و الكتابة حرب

والقراءة إنتصار على الحرب

 

**   ذات حرب,

كتبت نصا حازما ونظيفا

احترم الهوامش التى تنام في الاسفل ،

لم يضحك  ولم  يتحرك …

كان هناك سلام كثيف فلا نثر إلتفت لماضيه ،ولا شعر قفز في السرد ،

لم يدع مكانا شاغرا للخيال ،

بل صعد  من رأسي الى فوهة الورقة يَبرُق .

 

أنا وانت كنا  هناك سوية ،

أنا شاعر وأنت صوت الشاعر،

حين كنت واثقا من ان لا احد يلازمني في صمتي ،

وأن الوحدة اختراع الهي عظيم ،

تطلعتَ لوجهي وقلت لي واثقا من خوفي  نحن متشابهان

لم أخف حينها  لكني ضممتك بعيني إلى قلبي ،

حقا لن ينقذنا سوى هذا  الشعر

 

*    هذا جيد إذا ,

ففي مقتبل نص ثان حدث خطأ لغوي انتبه له قراء كثيرون

حين أصطدم الشاعر بالقارئ وفكك حزنه فانقل المجاز الى جوار ربه

تصافحا ورتبا نصا جديدا الكاتب وقارئ الكاتب،

في قصيدته ضغط الشاعر على اللغة فانفجرت في قلب قارئها

نصا آخر،

تتبع الشاعر سطرا أولا فثانيا  تطلع للجمل غيرت طباعها ،

تركت مكانا لما لن يحدث أبدا

تكدس المعنى  جهة الخيال و تقدم فعل  عاطل عن العمل  ،

حين قال مجموعة من الغرباء في ذات نفس :

“هذا النص لي”

سمعناها معا …وأقفلنا النص وعدنا راجعين ,

هنا لن يتذكر النص أبدا  قائله

 

حينها  فقط

 

ربت  الشاعر على جرح  تفتح في صدر قارئه ،

حيث خدشت الحقيقة خجله القديم ،

فنزل الشعر عن مصطبة الخيال كشف عن مساوئ  الرجم والقتل والحساب،

حين تطلع في عيون فعل  أصاب بنظرة خمسين رأسا  ،

كل رأس فرخ نصا صغيرا

عندئذ انسحب النص من أوراقه زاحفا في  صدور القراء

يوجد الأن في داخل الشاعر نص وجمهور من المصابين

حين تطلع كل قارئ لحزنه و نام في جمل  بمقاس جرحه

كل كلمة  الآن ضميدة ،

وأنت أيها  الشاعر  كنت فقط مجرد طبيب

 

(3)

 

الحياة  التي رويتها في سطر كامل تطلب عيشها نصا بأكمله!

حين ننظر في الاشياء الصغيرة ، سنعتذر عن المساحات الكبيرة،

لأننا قاتلنا  احجاما لا تناسبنا

في حروبنا الشخصية خسرنا كل ما لدينا لنحلم بما  قد خسرنا

سأجلس في الصف الاخير من حياتي وسأراقب في صمت ما سيحدث لها

فلا تدخلني حتى اخرج منك!

في الاخير سننتظر لقاء وحيدا ،

لنلتقي..

ومحض  نص لنفترق

أنظر في داخلي ،

ولن يتوقف دائما النص ،

وسأنظر داخلك ،

وسأكتب من جديد!

 

اعترافات شعرية

1

النص الذي قد أكتبه عارية في ساعات الليل الاخير

هو ذاك الذي يشبهني

نتساقط معا ضريرين في فراش واحد

كأن يجرب خدعته الأخيرة فوقي

فيقطع يدي ويجر حلقي ولساني للكتابة …

في ليلة أخرى قد أنام محاطة بكل أثوابي لأجعل نصي ذاك بسيقان طويلة

ولأكتب عن الشعر والنثر قصصا عرجاء ينفتح عليها الصباح نصوصا هيفاء دعجاء …

أما في ثلثه الأخير سأتعرى أمام أقلامي

وسأسكب من حبر الصباحات والمساءات فوق جلدي الناعم

وأكتب نصا واحدا يجثو على ركبتيه

إنه فقط نصى..

2

لا تمت قبلي أيها النص

أُكتب في هامش من الورقة

موعدا بعيدا لإقامة مأتم

ولنتحدث مطولا

عن البكاء خارج الشتاء

ولنخرجه من الخزانات

للدموع أيضا طعم الورق …

لنقل “هذا نص”

ولننشغل عنه

باللغة ترتب شِعرهَا في شَعري

موتا أبيض

دون أن تتلفظ إسمي

واسعا أو عريضا

للكذب أيضا مواقفه

النبيلة

كأن ينشغل بالنص….

3

أكتبْ واصفا في النص :

عقدة لسانه الطويلة

ينشغل بالصمت في الكلام

فنتحدث عن فوائد الفراغات

والفواصل و النقاط و النهايات …..

في النص مواقع كثيرة للسجود

كأن يقول قارئ في سره :الله الله..

فيبكي الحرف الاول عند الحرف الاخير

فتأخذ الأصابع استراحة صلاة

في الطريق :دم طفيف

جرح في قلب ناقد

أضاع مقاصده في شطر السطر الرابع

فهجر المكان لتدريب أدوات الحلاقة :المشرط والسكين وأدوات الحياكة

تاركا في النص القديم

آثار بكاء طويل..

4

مستعيرا من الموت ربطة عنقه الانيقة

ماشيا في النص

رافعا قبعتي

سأشعل سجائري كلها

لأدخن الوقت

يوما بيوم

وأطفئ السنوات كلها في رأسي

نصوصا

عرجاء وهيفاء

بلا تقفية

سارقا من الموت فمه الهازئ

لأضحك فوق جثماني

من النهاية

هذا فقط نصي…

النص…

 

 

 

اترك تعليقاً