نعيم الاسيوطي

البحث عن قصة .. قصة بقلم: نعيم الاسيوطي

البحث عن قصة البحث عن قصة قررت اليوم كتابة قصة مجنونة، أختم بها مجموعتي القصصية الجديدة، أحضرت بعض الأوراق والقلم الرصاص وذهبنا معا إلى غرفة نومي.. أفكر.. ترى يا صديقي ماذا تكتب الليلة ؟!، ثم بدأت اسأل نفسي كثيرا.. أين الدفقة الشعورية ؟..
والراوي العليم “واللي مش” عليم ؟، جلست فوق السرير.. حاولت استدعاء طقوس الكتابة.. فشلت في إيجاد فكرة جديدة أكتبها الليلة، تركت السرير ونظرت إلى شكلي في مرآة التسريحة.. وجهي مكفهر وشعري منكوش، أحسست أنني في معركة مع نفسي، اقتربت أكثر من المرآة.. كرهت تقاسيم وجهي..
تحول بياض عينيَّ إلى اللونٍ الأحمر ، هجمات صوتية تخترق رأسي وتناديني.. اكتب عن الشاب الذي طرد أمه .. الزوجة التي طبخت أليفها ؛ لتشبع عشيقها.. الجندي الذي اغتصب وطنه.. ذات الرداء الأزرق التي رقصت في فرح صديقتها ؛ فأصبحت ” ترندا في السوشيا ميديا “، توقف عقلي للحظات..
تذكرت الرجل الذي ينبش الزبالة بحثا عن كسرة خبز، وآخر يجمع زجاجات بلاستيكية حتى يبيعها ويشتري بثمنها “عضما” .. سمعته يتمتم ببعض الكلمات عن طبيخ الخميس القادم، تركت السرير.. حاولت الخروج من الغرفة والذهاب إلى بلكونتي البحرية، قلت : أحتاج إلى بعض الهدوء النفسي ؛ للتفكير في موضوع قصة رمزية قد تكون مخرجا لنفسي المضطربة،.
لكن ما حدث كان أمرا هاما لم أتوقعه ، هاجمني السرير.. أغلق الباب.. انطفأت أنوار غرفة نومي، تملكني الخوف بعد أن سمعت أصواتا تصرخ وتضحك كلما ذهبت إلى باب الغرفة، سقطت من فوق السرير.. مزقت الأوراق.. كسرت أسنان القلم الرصاص.. أقسمت بصوت مكتوم ألا أكتب قصة اليوم، فتحت الدولاب أنظر إلى دروع تكريمي، شاهدت الدرع الذي أعتز به..
ينتصب.. يهاجمني بألفاظ نابية.. يلطمني بعنف، سمعت عواء ذئب يخرج من أعماق حلقي كاد يفجر حنجرتي، أمسكت الصحيفة التي نشرت خبر التكريم.. فوجدت الكلمات فيها بلا معانٍ ، كتبت على مرآة التسريحة ، ومرايا الدولاب ، وشاشة التلفاز عبارات ؛ فسال منها مِداد الكلمات ، وضعت يدي اليمنى على وجهي ؛ .
فلطمتني اليسرى، رفعت صوتي أطلب النجدة من كابوس الكتابة، فلا مجيب، ماتت داخلي الدفقة الشعورية.. عقلي مشتت.. هربت الأفكار التي كانت تشغلني من بعد صلاة الفجر وحتى هذه اللحظة، نظرت إلى قلمي .. فوجدت قلبه بلا رصاص، أمسكت هاتفي النقال.. حاولت الاتصال ببعض أصدقائي..
الهاتف يردد نفس الكلمات التي كتبتها في الغرفة، بدأت أسال نفسي كيف أخرج من الغرفة ؟، تذكرت أن النظر إلى المرآة ليلا يعد خِطئا كبيرا ؛ فكسرت كل زجاج الغرفة، سقطت على الأرض والدماء تنزف من معصم يدي اليمنى، في الساعة التالية وجدت أخي الأصغر يقف فوق رأسي ويسألني.. وأنا أنظر إليه ولا أجيب.

قراءة نقدية إلكترونية لهذا العمل

القصة التي تحمل عنوان “البحث عن قصة” هي قصة غريبة ومجنونة، تعبر عن حيرة الكاتب في إيجاد فكرة جديدة للكتابة. تبدأ القصة بوصف الكاتب وهو يحاول استدعاء طقوس الكتابة، وبشكل غير متوقع تتحول القصة إلى معركة داخلية للكاتب مع نفسه وعقله المضطرب.

تظهر في القصة بعض الشخصيات المثيرة للاهتمام، مثل الشاب الذي طرد أمه والزوجة التي طبخت أليفها لتشبع عشيقها، وهذا يعكس الجانب الغريب والمجنون للقصة. كما تظهر في القصة تفاصيل مفصلة عن حالة الكاتب، مما يجعل القارئ يشعر بالتشويق والإثارة.

من الواضح أن الكاتب يعاني من صعوبة في الكتابة، ويريد العثور على فكرة جديدة ليكتب عنها، ويوضح ذلك في القصة بشكل جيد. إلا أن الذهاب إلى المرآة والتفكير في فكرة قصة رمزية يؤدي إلى تغيير مفاجئ في المزاج وظهور هجمات صوتية تخترق رأس الكاتب، مما يعكس حالة الارتباك والتشوش التي يعاني منها.

عندما يحاول الكاتب الخروج من الغرفة، يقف السرير في طريقه وتنطفئ الأنوار، مما يعكس الأجواء الرعب التي تشعر بها الشخصية الرئيسية. كما يظهر في القصة أن الكاتب يستخدم الكتابة كمخرج لمشاعره، ولكنه يفشل في ذلك، وينتهي به المطاف بتدمير كل شيء من حوله.

إن القصة التي تحمل عنوان “البحث عن قصة” هي قصة غامضة ومحيرة، تعبر عن صعوبة البحث عن الإلهام والفكرة الجديدة في الكتابة، وعن محاولات الكاتب لتقبل نفسه وإيجاد طريقة للتعامل مع مشاعره ومشاكله الداخلية.

ومن خلال الأحداث المثيرة والأجواء الغامضة التي تتخلل القصة، يمكن للقارئ أن يشعر بالتوتر والقلق حول ما سيحدث للشخصية الرئيسية. ويعكس النهاية غير المتوقعة تلك الحالة من الفوضى والتشتت التي يعاني منها الكاتب، والذي يعاني من صعوبة في إيجاد فكرة جديدة للتعبير عن مشاعره وأفكاره.

في النهاية، يمكن القول أن “البحث عن قصة” هي قصة تستحق القراءة، حيث تعبر عن مشاعر الكاتب وصعوباته في العثور على فكرة جديدة للكتابة، وتحاول إيصال رسالة حول أهمية الإلهام والإبداع في الكتابة. ويمكن للقارئ الاستمتاع بالأحداث المشوقة والغامضة التي تتخلل القصة، والتي تجعله يعيش مع الشخصية الرئيسية ويشعر بما يشعرها.